أشار محافظ بنك اليابان كازو أويدا إلى أن الاقتصاد الياباني يقترب من تحقيق معدل تضخم مستدام بنسبة 2%. وهو ما يشير إلى احتمال رفع أسعار الفائدة في عام 2025. ومع ذلك، فقد حذر من التسرع في اتخاذ هذه الخطوة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من العوامل التي تحتاج إلى تقييم دقيق قبل اتخاذ أي قرارات بشأن تغيير السياسة النقدية. كان من أبرز هذه العوامل عدم اليقين بشأن الاتجاهات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى المفاوضات الخاصة بالأجور في اليابان. وأكد أويدا أن تحقيق معدل التضخم المستقر يعتمد بشكل كبير على النمو المستدام للأجور والتوزيع العادل لأرباح الشركات.
وقال أويدا إنه في حين أن تحسن الاستهلاك بسبب ارتفاع الأجور يعد مؤشرًا إيجابيًا، فإن هناك خطرًا يتمثل في أن الدعم النقدي المفرط قد يؤدي إلى التضخم. لذلك، يرى أنه من الضروري أن تكون هناك تعديلات تدريجية في السياسة النقدية بدلاً من التسرع في رفع أسعار الفائدة. كما أضاف أن التطورات في النشاط الاقتصادي، أسعار الفائدة، والأوضاع المالية في اليابان، بالإضافة إلى تأثير مفاوضات الأجور. كلها عوامل تؤثر على قرارات بنك اليابان بشأن تحركات أسعار الفائدة المستقبلية.
وأشار أويدا إلى أن التيسير النقدي الذي طال أمده قد يكون له تأثيرات سلبية إذا استمر لفترة طويلة، إذ يمكن أن يزيد من مخاطر التضخم. لذلك، فإن السياسة النقدية التيسيرية قد تستمر في الأمد القريب، ولكن إذا تحسنت الظروف الاقتصادية بشكل أكبر، فقد يبدأ بنك اليابان في رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي. ولفت إلى أنه في حال استمر نمو الأجور وتحسن الاستهلاك، سيكون من الممكن تحقيق التضخم المستدام الذي يطمح إليه البنك المركزي. ومن الجدير بالذكر أن بنك اليابان يراقب عن كثب تأثير السياسات الاقتصادية الأمريكية، فضلاً عن عدم اليقين المحلي الذي قد يؤثر في اقتصاد اليابان.
تأثير النمو في الأجور على التضخم الياباني
يعتبر نمو الأجور من العوامل الرئيسية التي تؤثر بشكل كبير على التضخم في أي اقتصاد، وفي حالة اليابان، يلعب هذا العنصر دورًا حيويًا في تحقيق معدل التضخم المستدام الذي يهدف إليه بنك اليابان. يمكن أن يكون لنمو الأجور تأثير مزدوج على التضخم الياباني، حيث يعمل من جهة على زيادة الطلب في الاقتصاد. ولكنه من جهة أخرى قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية إذا لم يكن النمو في الأجور متوازنًا مع الإنتاجية الاقتصادية.
عندما تنمو الأجور في اليابان، فإنها تزيد من القوة الشرائية للمستهلكين، مما يعزز من الاستهلاك المحلي. ومع زيادة الطلب على السلع والخدمات، يصبح من الممكن أن يرتفع مستوى الأسعار، مما يؤدي إلى تضخم معتدل. لكن، من المهم أن يكون هذا النمو في الأجور مصحوبًا بزيادة في الإنتاجية، لأن زيادة الأجور بدون تحسين في الإنتاجية قد يسبب ارتفاعًا في تكاليف الإنتاج. مما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل غير مستدام. بالإضافة إلى ذلك، إذا كان هناك تزايد مستمر في الأجور دون أن يتماشى معه نمو في الإنتاجية. فإن الشركات قد تبدأ في تمرير هذه الزيادات إلى المستهلكين عبر رفع الأسعار. مما يساهم في حدوث تضخم. وفي الوقت نفسه، إذا كانت الأجور ترتفع بسرعة في قطاعات معينة دون أن تؤثر في قطاعات أخرى، قد يتسبب ذلك في تفاوت في الأسعار بين المنتجات والخدمات. مما يزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي.
من ناحية أخرى، إذا كان نمو الأجور مصحوبًا بزيادة في الاستثمارات وتحسين في الإنتاجية الاقتصادية. فإن ذلك سيسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام دون أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في التضخم. عند تحقيق هذا التوازن. يمكن لزيادة الأجور أن تساهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الاستهلاك وتحفيز النمو دون خلق ضغوط تضخمية.
توقعات بنك اليابان بالنسبة للتضخم في المستقبل
توقعات بنك اليابان بالنسبة للتضخم في المستقبل تركز بشكل رئيسي على تحقيق استقرار اقتصادي في ظل التحديات الراهنة التي تواجه البلاد. في الفترة الحالية، يرى البنك أن الاقتصاد الياباني يقترب من تحقيق هدفه في الوصول إلى معدل تضخم مستدام بنسبة 2% بحلول عام 2025. وهو ما يعتبره هدفًا أساسيًا لدعم استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي. يعد هذا الهدف جزءًا من استراتيجية البنك المركزي. التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز الاستهلاك المحلي. وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصاد الياباني في وقت يتسم بالتحولات الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، يلاحظ بنك اليابان أن تحقيق التضخم المستدام لا يعتمد فقط على السياسات النقدية التي يتبناها، بل على عدة عوامل أساسية. أحد هذه العوامل هو نمو الأجور، الذي يُعتبر حافزًا رئيسيًا في دفع الطلب المحلي. فعندما ترتفع الأجور، يزيد دخل الأفراد، مما يؤدي إلى زيادة القوة الشرائية وبالتالي رفع مستويات الطلب على السلع والخدمات. وفي حالة تحقيق زيادة مستدامة في الأجور بالتوازي مع زيادة الإنتاجية. من المتوقع أن يحدث توازن يؤدي إلى نمو اقتصادي معتدل وتضخم مستدام.
رغم هذه التفاؤلات، يبقى بنك اليابان حذرًا بشأن استمرار السياسات النقدية التيسيرية لفترة طويلة. فالتيسير النقدي المفرط قد يؤدي إلى تضخم غير مستدام إذا كانت الزيادة في الأجور غير مدعومة بنمو الإنتاجية. كما أن التوقعات المستقبلية تشير إلى أن التطورات في الاقتصاد العالمي، مثل السياسات الاقتصادية الأمريكية. قد تؤثر على توقعات التضخم في اليابان. بالإضافة إلى ذلك، تعد مفاوضات الأجور في اليابان عنصرًا محوريًا في تحديد الاتجاهات المستقبلية للتضخم. حيث إن أي زيادات غير مدروسة في الأجور قد تؤدي إلى ضغوط تضخمية غير مرغوب فيها. في الختام، يركز بنك اليابان على مراقبة هذه العوامل بحذر لضمان تحقيق هدف التضخم بشكل تدريجي. إذ يتوقع أن يكون التضخم في المستقبل معتدلاً، مع تحقيق الاستقرار الاقتصادي بفضل نمو الأجور المتوازن ودورة اقتصادية أقوى.