في إطار حالة من الترقب والقلق في الأسواق المالية، ارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف خلال تداولات يوم الجمعة، في وقت يسود فيه حالة من عدم اليقين حول السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. لقد عزز هذا التذبذب في السياسة الأمريكية من الطلب على الذهب باعتباره من الأصول الآمنة. في نفس الوقت، يترقب المستثمرون تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكي لمعرفة مسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي بخصوص خفض أسعار الفائدة.
التوقعات لتقرير الوظائف
من المتوقع أن يتم نشر تقرير الوظائف غير الزراعية في الساعة 16:30 بتوقيت الرياض. يُتوقع أن يشير التقرير إلى إضافة 164,000 وظيفة جديدة في ديسمبر، وهو ما يعتبر انخفاضًا مقارنة مع إضافة 227,000 وظيفة في نوفمبر. في حال جاء التقرير أعلى من المتوقع، من الممكن أن يتعرض الذهب لضغط بيع ما يؤدي إلى انخفاض طفيف في أسعاره.
وأضاف جيجار تريفيدي، كبير المحللين في “Reliance Securities”، أن “الذهب قد يشهد انخفاضًا طفيفًا إذا كانت أرقام تقرير الوظائف غير الزراعية أعلى من المتوقع”. يترقب المستثمرون هذه البيانات عن كثب، حيث تشير إلى قوة سوق العمل، التي قد تدعم قرار الاحتياطي الفيدرالي في عدم خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
دور الاحتياطي الفيدرالي في التحركات الاقتصادية
أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شميت، إلى تردده في خفض أسعار الفائدة مجددًا نظرًا للقوة التي لا يزال يحققها الاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى استمرار التضخم الذي يفوق الهدف المحدد من قبل الفيدرالي والمقدر بنسبة 2%. هذا التوجه يعكس تزايد التحديات أمام المستثمرين، حيث قد تؤدي السياسات التجارية المقررة من ترامب، مثل التعريفات الجمركية، بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بالهجرة، إلى إطالة أمد المعركة ضد التضخم.
الذهب كتحوط ضد التضخم
يُعتبر الذهب من الأصول التي تحمي من تأثير التضخم. إذ يظل ملاذًا آمنًا للمستثمرين الذين يبحثون عن حفظ قيمة أموالهم في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، يبقى أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تقليل جاذبية الذهب، حيث ينصرف المستثمرون إلى الأصول التي تدر عوائد أعلى. في هذا السياق، يشير المحللون إلى أن المستثمرين يترقبون ما سيقدمه الاحتياطي الفيدرالي من إشارات حيال احتمالية خفض أسعار الفائدة.
أسعار الذهب خلال الأيام الأخيرة
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا في تعاملات يوم الخميس، حيث حققت مكاسب ملحوظة مدفوعة بانخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية. بعد تحليل بيانات اقتصادية، تبين أن سوق العمل الأمريكي تأثر سلبًا بسبب التشديد النقدي، مما عزز من الطلب على الذهب. عند إغلاق التداولات يوم الخميس، سجلت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر فبراير ارتفاعًا بنسبة 0.7% ليصل سعر الأوقية إلى 2690.80 دولارًا، بعدما لامست 2696.80 دولارًا، وهو أعلى مستوى منذ منتصف ديسمبر. هذه الارتفاعات تأتي في وقت حساس للمستثمرين الذين يتابعون عن كثب تطورات سوق العمل وأسعار الفائدة.
التقلبات في سعر الذهب والدولار
في الوقت نفسه، سجل سعر الذهب الفوري ارتفاعًا بنسبة 0.3% ليصل إلى 2679 دولارًا للأونصة، ليحقق المعدن الأصفر مكاسب تجاوزت 1% هذا الأسبوع. هذه المكاسب تتجه نحو تحقيق أفضل قفزة أسبوعية للذهب منذ منتصف نوفمبر. على الجانب الآخر، تراجعت عقود مؤشر الدولار بنسبة طفيفة تبلغ 0.03%، ليصل إلى 108.97 نقطة. ما يعكس ضعفًا طفيفًا للعملة الأمريكية مقابل الذهب.
التطورات في المعادن الأخرى
لم تقتصر المكاسب على الذهب فقط، بل امتدت إلى بعض المعادن الأخرى. على سبيل المثال، ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.3% لتصل إلى 30.2 دولارًا للأونصة، بينما سجلت العقود الآجلة للفضة 31.17 دولارًا للأونصة. كلا المعدنين قريبين من أعلى مستوياتهما الشهرية. في المقابل، تراجع سعر البلاتين بنسبة 0.4% إلى 955.97 دولارًا، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.9% ليصل إلى 934.16 دولارًا. كل هذه المعادن تتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية، وهو ما يعكس حالة التفاؤل المعتدلة في السوق.
تأثير الأوضاع الاقتصادية العالمية على الذهب
يتوقع الكثير من المحللين أن الذهب سيستمر في التأثر بتقلبات الأسواق المالية العالمية. فمع استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، وارتفاع المخاوف من التضخم العالمي. فإن الطلب على الذهب قد يظل في ازدياد. على الرغم من ضغوط أسعار الفائدة المرتفعة، تظل حالة الأسواق المالية محفوفة بالمخاطر. هذا يجعل المعدن الأصفر يظل واحدًا من الخيارات المفضلة للمستثمرين الذين يسعون إلى حماية أموالهم في هذه الأوقات العصيبة.
النظرة المستقبلية للذهب
من المتوقع أن يبقى الذهب في حالة تأهب في المستقبل القريب. يتأثر سعره بعوامل متعددة تشمل التقلبات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة وحول العالم، فضلاً عن السياسات النقدية التي قد يؤثر بها الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة. كما أن أي تغييرات في المشهد السياسي والاقتصادي الدولي قد تؤدي إلى تحركات مفاجئة في أسعار الذهب.
توقعات الأسبوع المقبل
أحد أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر على أسعار المعدن الأصفر الأسبوع المقبل هو تقرير الوظائف الأمريكي الذي من المتوقع أن يُنشر في بداية الأسبوع. إذا أظهرت البيانات إيجابية، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع في سعر الدولار وتقليل في الطلب على المعدن الأصفر. لكن إذا جاءت البيانات أضعف من المتوقع، فقد يعزز ذلك من جاذبية الذهب كملاذ آمن. مع تحسن التوقعات الاقتصادية. فإن المعدن الأصفر قد يواجه ضغوطًا في الأيام المقبلة. ولكن استقرار أسواق الأسهم والأدوات الأخرى قد يعيد دعم المعدن الأصفر من جديد.
ويبقى الذهب بين التفاؤل والحذر، حيث يترقب المستثمرون تقرير الوظائف الأمريكي المقبل. مع التحديات الاقتصادية الحالية والضغوط السياسية، يتعين على المستثمرين أخذ الحيطة في تعاملاتهم مع الذهب. بينما قد تساهم تقلبات السوق في تعزيز مكانة المعدن الأصفر كأداة تحوط ضد المخاطر الاقتصادية المستقبلية