ارتفاع أسعار الذهب بسبب تقلبات الأسواق والرسوم الجمركية الأمريكية

0
34
الذهب

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في التعاملات الآسيوية يوم الخميس، نتيجة للطلب المتزايد على هذا المعدن النفيس كملاذ آمن. جاء ذلك بعد أن فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسومًا تجارية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات، وهو ما شكل تصعيدًا آخر في أجندته الاقتصادية المتعلقة بالتعريفات الجمركية.

في هذا السياق، رفعت شركة جولدمان ساكس توقعاتها لسعر الذهب بحلول عام 2025، متوقعة زيادة قوية في الطلب من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار المتداولة. هذا التوقع جاء في وقت شهدت فيه الأسواق المالية تذبذبات كبيرة بعد فرض الرسوم الجمركية، مما أضاف مزيدًا من الضغط على الأسواق المالية العالمية.

أثر الرسوم الجمركية على الأسواق العالمية

أدت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي سيتم تنفيذها في الثاني من أبريل، إلى هزات كبيرة في الأسواق العالمية. تسبب هذا في تقلبات شديدة في أسعار الأسهم في وول ستريت والأسواق الآسيوية، مما دفع المتداولين إلى البحث عن ملاذ آمن في الذهب. مع تنامي القلق بشأن فرض مزيد من الرسوم الجمركية من قبل الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ.

في تلك الأثناء، سجلت أسعار الذهب الفوري زيادة بنسبة 0.4% لتصل إلى 3,032.21 دولارًا للأونصة، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب لشهر مايو بنسبة 0.5% لتصل إلى 3,067.42 دولارًا للأونصة. هذا الارتفاع دفع الذهب بالقرب من أعلى مستوى قياسي له في الوقت الحالي، ما يعكس تزايد الطلب عليه كأداة تحوط ضد المخاطر الاقتصادية.

الذهب والاتجاهات المستقبلية

أظهرت بيانات جولدمان ساكس أن الطلب على الذهب من البنوك المركزية في السنوات المقبلة سيظل مرتفعًا. كما توقعت الشركة أن يتواصل شراء الذهب بشكل قوي من قبل البنوك المركزية الكبرى في آسيا والأسواق الناشئة، وهو ما يدعم استقرار أسعاره في المستقبل.

ومع زيادة التدفقات لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، من المتوقع أن تشهد الأسعار مزيدًا من الارتفاع. في حال حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة. قد تدفع هذه التدفقات أسعار الذهب لتصل إلى 3,680 دولارًا للأونصة بحلول نهاية عام 2025.

الذهب: ملاذ آمن في ظل مخاوف التجارة الأمريكية

في الوقت ذاته، قام بنك جولدمان ساكس برفع توقعاته لسعر الذهب بنهاية عام 2025 إلى 3300 دولار للأونصة، بعدما كانت تقديراته السابقة تشير إلى 3100 دولار. جاء هذا التعديل بناءً على توقعات بزيادة الطلب من البنوك المركزية على الذهب خلال السنوات الثلاث إلى الست المقبلة.

على الرغم من أن الذهب شهد عمليات جني أرباح في بداية الأسبوع، إلا أنه ظل قريبًا من مستويات قياسية مرتفعة. يعود ذلك إلى حالة عدم اليقين التي تحيط بالتجارة والسياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، وهو ما يعزز من جاذبية الذهب كأداة تحوط.

الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب على السيارات ستؤثر على العديد من الاقتصادات الكبرى مثل اليابان وأوروبا وكوريا الجنوبية. كما يُتوقع أن تساهم هذه الرسوم في رفع أسعار السيارات في الولايات المتحدة، مما قد يضغط على مستويات التضخم. مع تزايد المخاوف من تدهور الوضع التجاري، زادت المطالبات بالاستثمار في الذهب.

من المتوقع أيضًا أن يُعلن ترامب في الثاني من أبريل عن مجموعة من الرسوم الجمركية على ما لا يقل عن 15 شريكًا تجاريًا رئيسيًا. تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على القطاعات الأخرى، مثل أشباه الموصلات والأدوية، تزيد من القلق في الأسواق العالمية. مما يساهم في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.

التوقعات المستقبلية للمعادن النفيسة

الفضة: تعتبر الفضة أيضًا من المعادن النفيسة التي يتوقع أن تشهد زيادة في الطلب على الرغم من التحديات الاقتصادية الحالية. بالنظر إلى كون الفضة تعد معدنًا صناعيًا في المقام الأول، فإن الطلب عليها يتأثر بشكل كبير بالنمو في الصناعات التكنولوجية والطاقة المتجددة. يعتبر الطلب على الفضة في صناعة الألواح الشمسية، على سبيل المثال، أحد المحركات الأساسية لارتفاع أسعارها في المستقبل.

ومع ارتفاع الطلب الصناعي على الفضة، بالإضافة إلى دورها كأداة تحوط ضد المخاطر الاقتصادية، من المتوقع أن تشهد أسعارها استقرارًا نسبيًا مع ارتفاع طفيف في المستقبل. في الوقت نفسه، يعتبر الفارق الكبير بين الذهب والفضة في الأسعار دافعًا لبعض المستثمرين للتحول إلى الفضة كبديل منخفض التكلفة.

التوقعات الاقتصادية والتجارية

أما بالنسبة للمعادن الصناعية، فقد ظلت أسعار النحاس مدعومة بتوقعات انخفاض المعروض. في حال فرض ترامب رسوما جمركية على واردات النحاس، قد يؤثر ذلك بشكل مباشر على توافر هذا المعدن في الأسواق. وقد ارتفعت العقود الآجلة للنحاس بنسبة 0.4% لتصل إلى 9,969.20 دولارًا للطن في بورصة لندن للمعادن.

مع تزايد الحاجة إلى محركات كهربائية وأسطوانات تكنولوجيا الطاقة الحديثة. قد يؤدي ذلك إلى ضغط على إمدادات النحاس، مما يساهم في ارتفاع أسعاره. ومع توقعات تراجع العرض في بعض الأسواق. خاصةً إذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على واردات النحاس كما هو متوقع. من المحتمل أن تشهد أسعار النحاس ارتفاعًا كبيرًا.

من جانب آخر، تباينت أسعار المعادن النفيسة الأخرى. على سبيل المثال، انخفضت العقود الآجلة للبلاتين بنسبة 0.1% لتصل إلى 968.20 دولارًا للأوقية، بينما شهدت العقود الآجلة للفضة ارتفاعًا بنسبة 0.4% لتصل إلى 34.345 دولارًا للأوقية.

أدت السياسات التجارية للرئيس ترامب إلى العديد من التحولات في الأسواق المالية. على الرغم من أن هذه السياسات قد أحدثت بعض الارتباك في البداية. إلا أن بعضها أثبت فعاليته في تعزيز الدولار الأمريكي. وفي الوقت ذاته، ساهمت هذه السياسات في زيادة الطلب على الذهب كأداة تحوط ضد المخاطر.

لكن من المهم أن نشير إلى أن هناك العديد من المخاطر التي قد تهدد هذا الارتفاع في أسعار الذهب. تعزيز المالية العامة في الولايات المتحدة وتراجع التوترات الجيوسياسية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الطلب على الذهب. مع ذلك، يبدو أن الوضع التجاري الراهن سيستمر في دعم أسعار الذهب.

تستمر أسعار الذهب في الارتفاع، مدعومة بالتوترات التجارية والاقتصادية العالمية. مع ازدياد التوقعات بأن أسعار الذهب ستواصل الصعود، خصوصًا في ظل السياسات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي. فإن المعدن النفيس يعد من أكثر الأصول جاذبية للمستثمرين في الوقت الحالي.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا