ارتفاع قوي في التوظيف بمقدار 54 ألف وظيفة مع تسجيل سوق العمل لثالث شهر من النمو المتتالي
قدّم سوق العمل الكندي أداءً أقوى من المتوقع في نوفمبر، حيث ارتفع التوظيف على المستوى الوطني بمقدار 54 ألف وظيفة (+0.3%). مسجّلًا الزيادة الشهرية الثالثة على التوالي، مما يؤكد عودة الزخم بعد بداية بطيئة لعام 2025. ووفقًا لبيانات مسح القوى العاملة الصادرة اليوم، بلغ إجمالي المكاسب خلال سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر نحو 181 ألف وظيفة (+0.9%). وهو تحول حاد مقارنةً بحالة الركود التي شهدها السوق في وقت سابق من العام. كما ارتفع معدل التوظيف بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 60.9%. مما يعكس استمرار التوازن بين نمو السكان وفرص العمل، إلى جانب سوق عمل يبدو أكثر صلابة رغم حالة عدم اليقين الاقتصادي.
جاء جزء كبير من نمو نوفمبر من الوظائف بدوام جزئي (+63 ألف؛ +1.6%) ، والتي تجاوز نمو الوظائف بدوام كامل خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وكان القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لخلق الوظائف، بإضافة 52 ألف وظيفة (+0.4%) ، بينما ظل كل من القطاع العام والعمل الحر مستقرين.
وعلى المستوى الديموغرافي، جاءت الغالبية العظمى من الوظائف الجديدة من فئة الشباب (15–24 عامًا)، الذين حصلوا على 50 ألف وظيفة (+1.8%) ، ليحققوا انتعاشًا مهمًا بعد أشهر من ضعف الطلب عليهم في وقت سابق من العام. وفي المقابل، شهد العاملون في الفئات العمرية الأساسية من الرجال والنساء تغيرًا طفيفًا. مع بقائهم عند مستويات أعلى نسبيًا مقارنةً بأواخر الصيف.
وأظهرت البيانات حسب القطاعات أداءً قويًا في:
- الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية (+46 ألف؛ +1.6%)
- الإقامة وخدمات الطعام (+14 ألف؛ +1.2%)
- الموارد الطبيعية (+11 ألف؛ +3.4%)
في حين سجّل قطاع الجملة والتجزئة انخفاضًا ملحوظًا بمقدار 34 ألف وظيفة (-1.1%) ، مما عوّض جزئيًا مكاسب أكتوبر.
وعلى المستوى الإقليمي، قادت ألبرتا جميع المقاطعات بإضافة 29 ألف وظيفة (+1.1%) ، تلتها نيو برونزويك (+5,500) ومانيتوبا (+4,500) التي حققتا زيادات معتبرة أيضًا. كما بقيت بيانات الأجور داعمة للقوة الشرائية للمستهلكين. حيث ارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 3.6% على أساس سنوي ليصل إلى 37.00 دولارًا.
تراجع البطالة إلى 6.5% نتيجة انخفاض عدد العاطلين وتراجع المشاركة في سوق العمل
انخفض معدل البطالة في كندا بشكل حاد إلى 6.5%، متراجعًا بمقدار 0.4 نقطة مئوية في نوفمبر. ليعكس جزءًا كبيرًا من الارتفاع الذي شهده خلال منتصف عام 2025. ويأتي هذا الانخفاض بعد تراجع طفيف في أكتوبر، ليعود معدل البطالة إلى المستويات التي سُجلت آخر مرة في أوائل 2024. كما انخفض عدد العاطلين عن العمل بمقدار 80 ألف شخص (-5.1%). ليتراجع إجمالي عددهم إلى 1.5 مليون، وهو مؤشر على تسارع وتيرة التوظيف وقدرة الباحثين عن عمل على إيجاد وظائف بشكل أسرع. كذلك تحسّن معدل العثور على وظيفة إلى 19.6% ارتفاعًا من 18.6% في نوفمبر 2024. مما يشير إلى أن الأفراد الذين كانوا عاطلين قبل شهر أصبحوا أكثر قدرة هذا العام على الحصول على وظائف مقارنةً بالسنوات السابقة. أما معدل التسريح الوطني فقد بقي مستقرًا عند 0.7%، وهو مستوى ينسجم مع ما قبل الجائحة. ويعكس حفاظ أصحاب العمل على استقرار القوى العاملة رغم الظروف المالية المشددة والتحديات القطاعية.
وسجلت بطالة الشباب تحسنًا ملحوظًا. حيث تراجعت بمقدار 1.3 نقطة مئوية إلى 12.8%، وهو الانخفاض الشهري الثاني على التوالي بعد وصولها في سبتمبر إلى أعلى مستوى لها خلال عقد (باستثناء سنوات الجائحة). كما انخفضت البطالة بين الفئات العمرية الأساسية: إذ تراجع معدل بطالة الرجال إلى 5.6% (-0.4 نقطة) والنساء إلى 5.5% (-0.2 نقطة). ما محا فعليًا الزيادات التي ظهرت في وقت سابق من العام. ورغم هذه التطورات الإيجابية، تراجع معدل المشاركة في سوق العمل إلى 65.1% (-0.2 نقطة). مما يشير إلى انخفاض عدد الكنديين الذين يبحثون عن عمل بشكل نشط.
على المستوى الإقليمي، جاءت النتائج مختلطة: فقد تراجع معدل البطالة في ألبرتا بشكل حاد إلى 6.5%، بينما شهدت أونتاريو انخفاضًا معتدلًا رغم محدودية نمو الوظائف. أما كيبيك فبقيت مستقرة نسبيًا عند 5.1%، بدعم من استقرار التوظيف وانخفاض معدلات التسريح. وبشكل عام، تشير بيانات نوفمبر إلى سوق عمل بدأ يتجه نحو التشدد مجددًا. حيث يفوق الطلب على العمال التوقعات التي كانت ترجّح تباطؤ النشاط الاقتصادي.
تأثير بيانات التوظيف على الأسواق: الدولار الكندي، توقعات الفائدة، واستراتيجيات المتداولين
تحمل بيانات التوظيف الأقوى من المتوقع الصادرة اليوم دلالات مهمة للأسواق المالية. خصوصاً للمتداولين الذين يقيّمون مسار الدولار الكندي وتوقعات أسعار الفائدة وأداء القطاعات داخل الأسهم الكندية. فالجمع بين إضافة 54 ألف وظيفة، والانخفاض الحاد في معدل البطالة إلى 6.5%. وتسارع نمو الأجور يعزز الانطباع بأن سوق العمل لا يزال قويًا، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم توقعاتهم المتعلقة بقرارات بنك كندا المقبلة.
تاريخيًا، تؤدي ظروف العمل القوية إلى تقليل الحاجة إلى التيسير النقدي. وقد تسهم بيانات اليوم في تهدئة توقعات الأسواق حيال خفض أسعار الفائدة في أوائل 2026. ومع استمرار ارتفاع التوظيف والأجور، يُتوقع أن تبقى القدرة الشرائية للمستهلكين مستقرة. مما يدعم توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي ويقلل احتمالات حدوث ركود. وبالنسبة للمتداولين، قد يعزز هذا البيئة الثقة في الأسهم الكندية المرتبطة بالطلب المحلي. خصوصًا في قطاعات مثل التجزئة والرعاية الصحية والخدمات.
وفي أسواق العملات، يميل الدولار الكندي عادةً إلى التفاعل إيجابياً مع بيانات التوظيف القوية، وتزيد قراءة اليوم من الزخم الصعودي على المدى القصير. فارتفاع التوظيف والأجور يعزز عادةً قوة الدولار الكندي من خلال الإشارة إلى تحسّن الآفاق الاقتصادية. ومع ذلك، فإن استجابة السوق ستعتمد أيضًا على كيفية تأثير أسعار الطاقة وبيانات التوظيف الأميركية على ديناميكيات التجارة في أميركا الشمالية. كما تؤدي النتائج القطاعية دورًا مهمًا: إذ تشير المكاسب القوية في قطاعات الموارد الطبيعية والرعاية الصحية إلى وجود زخم في الصناعات المرتبطة بالنمو والاستقرار. مما قد يشجع على تدوير السيولة داخل قطاعات الأسهم الكندية.
وبالنسبة للمتداولين، فإن أهم إشارة يمكن الاستفادة منها في هذا التقرير هي عودة تشدد سوق العمل. وهو ما قد يؤثر على حركة العوائد، ويدعم الدولار الكندي، ويعزز القطاعات الدورية. وإذا جاءت تقارير التضخم والناتج المحلي الإجمالي المقبلة بما ينسجم مع قوة بيانات التوظيف الحالية. فقد تتجه الأسواق نحو تسعير دورة تيسير نقدي مؤجلة، وهو ما سيعيد تشكيل الاستراتيجيات عبر أسواق الفوركس والسندات والأسهم.