شهدت أسعار الذهب تحركات غير مستقرة في الآونة الأخيرة، حيث استقرت دون مستوياتها القياسية مع بداية الأسبوع، بعد تراجع المخاوف بشأن الرسوم الجمركية التي كان من المقرر فرضها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ورغم التراجع الذي شهدته الأسعار عن أعلى مستوياتها، ظل الذهب يحظى بشعبية عالية كملاذ آمن، حيث لا يزال المستثمرون يتوخون الحذر وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.
تأثير الرسوم الجمركية على سوق الذهب
في الأسبوع الماضي، كانت الأسواق العالمية تترقب بفارغ الصبر الأخبار المتعلقة بالرسوم الجمركية التي كان الرئيس الأمريكي قد أعلن عن فرضها في الثاني من أبريل. ولكن مع اقتراب الموعد النهائي، بدأ القلق بشأن الرسوم يتلاشى تدريجيًا، حيث ظهرت تقارير تشير إلى أن الرسوم الجمركية قد تكون أقل وطأة مما كان متوقعًا. هذا التحسن في توقعات السوق بشأن الرسوم الجمركية ساهم في انخفاض بعض الطلب على الذهب كملاذ آمن. وعلى الرغم من ذلك، ظل الذهب يحافظ على سعره المرتفع نسبياً، حيث كان يُتداول بالقرب من مستوى 3000 دولار للأوقية.
تراجع الدولار الأمريكي يعزز من استقرار أسعار الذهب
من جهة أخرى، تراجع الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ من أعلى مستوياته التي سجلها الأسبوع الماضي. هذا التراجع في قيمة الدولار ساهم في الحد من الخسائر الكبيرة في أسعار المعادن الثمينة. فقد ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 0.1% في المعاملات الفورية، ليصل إلى 3015.51 دولار للأوقية. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب إلى 3048.05 دولار للأوقية بحلول الساعة 00:59 بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، يُنتظر صدور البيانات المعدلة للناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، التي تشير التوقعات إلى أنها قد تكون متوافقة مع المخاوف المتزايدة من ركود اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة.
التطورات في الأسواق الناشئة
الأسواق الناشئة، مثل الهند والصين، تعد من أكبر أسواق الذهب في العالم. الطلب على الذهب في هذه الدول يؤثر بشكل مباشر على أسعاره. في حال زيادة الاستهلاك في هذه الأسواق، سواء لأغراض الزينة أو الاستثمار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع الأسعار.
التوقعات الاقتصادية وتأثيرها على سوق الذهب
تأثر سوق الذهب بشكل كبير بالتقارير الاقتصادية التي صدرت في الفترة الأخيرة، والتي أظهرت تحسنًا ملحوظًا في النشاط الاقتصادي الأمريكي. أظهرت البيانات أن مؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة ارتفع إلى 53.5 في مارس من 51.6 في الشهر السابق. هذا التحسن في البيانات الاقتصادية أسهم في تزايد التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يواصل سياسة رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وهو ما قد يعزز من الطلب على الدولار ويضع ضغطًا على الذهب.
في المقابل، أظهرت بعض التقارير الاقتصادية الأخرى ضعفًا في الاقتصاد الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بالتضخم. فقد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي من توقعاته للنمو في عام 2025، وفي نفس الوقت رفع توقعاته للتضخم. هذه التصريحات كانت محل اهتمام كبير من قبل المستثمرين، حيث قد تكون هذه العوامل المحفزة لتغيرات في سياسة الفائدة التي قد تؤثر على حركة الذهب.
التأثير الجيوسياسي على الأسعار
بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية، هناك عامل آخر يساهم في تأثير عدم الاستقرار على أسعار الذهب وهو الوضع الجيوسياسي، خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، والتوترات المستمرة بين روسيا وأوكرانيا. حيث تتزايد المخاوف من تصاعد التوترات في منطقة البحر الأسود.
مما يساهم في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن في الأسواق العالمية.
كما أثار إعلان الصين عن خطط لتحفيز الاقتصاد المحلي عبر إدراج الخدمات ضمن برنامج دعم لتحفيز الاستهلاك، قلقًا بشأن تأثير هذه السياسات على الطلب العالمي على الذهب. فمن المتوقع أن هذه السياسات قد تساهم في تقوية الثقة في الاقتصاد الصيني، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على الذهب.
مؤشرات اقتصادية تترقبها الأسواق
الأسبوع الحالي سيكون حاسمًا لأسواق الذهب، حيث سيتابع المتداولون عن كثب بعض البيانات الاقتصادية الهامة. من المتوقع صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، الذي يُعد مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي. تشير التوقعات إلى أن التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي سيظل مرتفعًا، مما يعزز من احتمالية رفع الفائدة في المستقبل، وبالتالي يؤدي إلى تأثير سلبي على الذهب.
التوقعات المستقبلية للذهب في ضوء البيانات الاقتصادية
مع استعراض التطورات الاقتصادية والسياسية الجارية، من المحتمل أن يستمر الذهب في التذبذب حول مستوى 3000 دولار للأوقية. إن المستوى النفسي 3000 دولار سيظل نقطة محورية رئيسية للذهب في الأيام المقبلة. وفي حال تم اختراق هذا المستوى بشكل حاسم.
فمن المحتمل أن يشهد الذهب بعض التراجع التصحيحي نحو مناطق الدعم القريبة مثل 2980 دولارًا للأوقية.
على الجانب الآخر، في حال استمرار حالة القلق حول التوترات الجيوسياسية وارتفاع التضخم.
من المحتمل أن يشهد الذهب مزيدًا من الارتفاعات نحو مستوى 3050 دولارًا للأوقية أو أعلى.
العوامل التي تؤثر على سوق الذهب
سوق الذهب يعد من أكثر الأسواق حساسية للتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية. تتعدد العوامل التي تؤثر في أسعاره، حيث يتأثر الذهب بتقلبات الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى الأحداث السياسية والتغيرات في السياسات النقدية. سنستعرض أبرز هذه العوامل التي تؤثر في أسعار الذهب بشكل مباشر:
التضخم يُعتبر التضخم أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في أسعار الذهب. عادةً ما يرتفع سعر الذهب في فترات التضخم المرتفع لأن المعدن الثمين يُعتبر من الملاذات الآمنة التي تحمي قيمتها من تآكل القوة الشرائية للعملات. عندما تنخفض قيمة العملة بسبب ارتفاع التضخم، يميل المستثمرون إلى شراء الذهب لحفظ ثرواتهم، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
السياسات النقدية وأسعار الفائدة
القرارات التي يتخذها البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة تؤثر بشكل كبير على سوق الذهب. عادةً ما يرتفع الذهب في بيئة من أسعار الفائدة المنخفضة، حيث يقل العائد على الأصول المالية الأخرى مثل السندات، مما يجعل الذهب أكثر جذبًا. بالمقابل، عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، تزداد العوائد على الأصول الأخرى، مما قد يؤدي إلى تراجع في أسعار الذهب.
الدولار الأمريكي
يُعتبر الدولار الأمريكي من أبرز العوامل التي تؤثر على سوق الذهب. بما أن الذهب يتم تداوله عادة بالدولار، فإن أي تغيرات في قيمة الدولار تؤثر مباشرة على سعر المعدن الثمين. عندما يرتفع الدولار، يصبح الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين في البلدان الأخرى، مما يقلل الطلب عليه ويؤدي إلى انخفاض أسعاره.