شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا انخفاضًا ملحوظًا قبيل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يوم الاثنين. يترقب المشاركون في السوق التأثيرات المحتملة التي قد تحدثها السياسات المستقبلية على قطاع الغاز الطبيعي، مما يجعل الأسواق متقلبة.
من المتوقع أن يقوم ترامب بتوقيع عدد من الأوامر التنفيذية بعد أدائه اليمين الدستورية، وقد يشمل ذلك إلغاء الوقف الحالي على تصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال. هذه الخطوة من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على أسواق الغاز الطبيعي، لا سيما في أوروبا.
انخفاض في تداول العقود المستقبلية للغاز
شهد تداول العقد القياسي Dutch Title Transfer Facility (TTF) انخفاضًا قدره 1.5% ليصل إلى 46.17 يورو لكل ميجاواط ساعة. على الرغم من هذا الانخفاض، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة بنسبة 4.5% عن الشهر الماضي. يُعزى هذا الارتفاع إلى استمرار نقص الإمدادات السريعة في المخزونات، مما يعزز ضغط الطلب على الغاز في أوروبا.
في الفترة الأخيرة، تم تحويل ما لا يقل عن ست شحنات من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة التي كانت في البداية متجهة إلى الأسواق الآسيوية، لتصل إلى أوروبا. جاء هذا التحول بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا خلال الأسابيع الماضية، مع انخفاض الأسعار في الأسواق الآسيوية.
تحولات في تدفقات الغاز الطبيعي المسال
كانت الشحنات الأمريكية متجهة في البداية إلى دول مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند، إلا أن الناقلات التي تحمل الغاز الطبيعي المسال غيرت مسارها بين 8 و14 يناير، واتجهت إلى أوروبا. تأتي هذه التحولات بسبب ضعف الطلب في أسواق الغاز الآسيوية، مع ارتفاع المخزونات في تلك المناطق.
وفي هذا السياق، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق الآسيوية، إلا أن هذه الزيادة لم تكن كافية للحفاظ على علاوة عالية بما يكفي على الأسعار الأوروبية لتحفيز بيع الشحنات إلى آسيا. هذا التغير في تدفقات الغاز يوضح التأثير الكبير للأسعار والتغيرات في الطلب في الأسواق المختلفة.
تأثير السياسة الأمريكية على سوق الغاز الطبيعي
تلعب السياسة الأمريكية دورًا كبيرًا في تشكيل أسواق الغاز الطبيعي العالمية. حيث تؤثر القرارات السياسية على أسعار الغاز، وتدفقات الإمدادات، واستقرار الأسواق. في هذه المقالة، سوف نستعرض تأثير السياسات الأمريكية على سوق الغاز الطبيعي من خلال دراسة الإجراءات والتوجهات التي يمكن أن تساهم في تقلبات هذا السوق الحيوي.
السياسة الأمريكية وتحولات الطلب على الغاز الطبيعي
تعد الولايات المتحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم، ما يجعل تأثير سياساتها على السوق الدولي ملموسًا. مع تزايد إنتاج الغاز الصخري، أصبحت أمريكا مُصدرًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المسال (LNG). لذلك، فإن أي قرار سياسي يتعلق بمستوى الإنتاج أو التصدير يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على الأسعار العالمية.
في ظل السياسة الأمريكية الحالية، يُتوقع زيادة حجم تصدير الغاز الطبيعي إلى الأسواق الدولية. كانت الحكومة الأمريكية قد أعلنت مرارًا عن خطط لدعم الصادرات وزيادة قدرة الموانئ على استيعاب شحنات الغاز. هذا من شأنه أن يعزز دور الولايات المتحدة كمزود رئيسي للغاز في أسواق أوروبا وآسيا.
العقوبات الاقتصادية والغاز الطبيعي
تأثير آخر للسياسات الأمريكية على سوق الـغاز الطبيعي يتمثل في فرض العقوبات الاقتصادية على الدول المنتجة للغاز. الولايات المتحدة فرضت عقوبات على روسيا وإيران، مما أثر على إمدادات الغاز من هاتين الدولتين. كانت هذه العقوبات سببًا في تحويل أسواق الغاز إلى مزيد من الاعتماد على الموردين البديلين مثل الولايات المتحدة وقطر.
تعتمد أوروبا بشكل كبير على الغاز الروسي، لذا فإن فرض عقوبات على روسيا أو تقليص التعاون مع الدول المنتجة الأخرى له تأثيرات واسعة. في مثل هذه الحالات، تتجه الدول الأوروبية إلى أسواق جديدة مثل الولايات المتحدة للحصول على الغاز الطبيعي المسال.
اتفاقيات التجارة والسياسة البيئية
السياسات البيئية الأمريكية أيضًا تلعب دورًا مهمًا في تأثير السوق. تحت قيادة الإدارة الحالية، شهدنا توجهًا نحو تعزيز الطاقة النظيفة والحد من استخدام الوقود الأحفوري. سياسات مثل “الصفقة الخضراء” قد تؤدي إلى تقليل الاعتماد على الـغاز الطبيعي في المستقبل، وبالتالي تقليل الطلب عليه.
تأثير الطقس البارد على الأسعار في أوروبا
في الوقت نفسه، ظلت أسعار الغاز في أوروبا مرتفعة في يناير، وذلك بسبب عدة عوامل، أبرزها توقف إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الروسي عبر أوكرانيا. علاوة على ذلك، ساهمت موجات البرد المبكرة في شمال غرب أوروبا في زيادة استهلاك الـغاز الـطبيعي، مما دفع العديد من الدول في هذه المنطقة إلى زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال.
زيادة واردات الغاز الأمريكي إلى أوروبا
نتيجة لزيادة الطلب في أوروبا بسبب درجات الحرارة المنخفضة، سجلت واردات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية مستويات مرتفعة، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ يناير 2024. هذا الارتفاع في الواردات يعكس بشكل واضح تغيرات في تدفقات الـغاز الطبيعي بسبب التغيرات في الطقس وارتفاع الطلب على الطاقة في أوروبا.
التحليل والتوقعات المستقبلية
قالت شركة سبارك كوموديتيز، وهي إحدى الشركات المتخصصة في تحليل سوق الـغاز. إن سفن الـغاز الـطبيعي المسال تتجه نحو أوروبا مع استمرار إغلاق التحكيم الأمريكي في تصدير الـغاز إلى أسواق آسيا. تشير التوقعات إلى أن أسعار الـغاز الطبيعي في أوروبا ستظل مرتفعة في الأسابيع المقبلة، مع استمرار العوامل الجيوسياسية والاقتصادية في تشكيل الاتجاهات المستقبلية للأسواق.
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقييمات التحكيم الأمريكية لشهر فبراير 2025 إلى أن التحكيم إلى أسواق آسيا ما زال مغلقًا عند -0.845 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. هذا التقييم يؤكد أن السفن الأمريكية لا تزال تتلقى الحوافز لتسليم الغاز إلى أسواق شمال غرب أوروبا بدلاً من التوجه إلى آسيا.
من الواضح أن أسواق الـغاز الطبيعي الأوروبية ستظل تواجه تحديات معقدة في المستقبل القريب. ستكون السياسات الجديدة التي قد يتخذها الرئيس الأمريكي ترامب بعد توليه منصبه لها تأثيرات بعيدة المدى على ديناميكيات السوق. بينما يواصل الاتحاد الأوروبي مراقبة الوضع عن كثب ويبحث في فرض قيود على واردات الغاز الروسي. من المتوقع أن تستمر أسواق الغاز في التكيف مع التغيرات المستمرة في العرض والطلب.