تراجع الين مقابل الدولار بفعل بيانات أسعار المنتجين

الين الياباني

شهدت أسواق العملات الآسيوية يوم الخميس تراجعاً ملحوظاً لـ الين الياباني، الذي خسر بعض المكاسب التي حققها مؤخراً. هذا التراجع جاء نتيجة لتصحيح السوق وجني الأرباح بعد تسجيل الين أعلى مستوى له في تسعة أشهر مقابل الدولار الأمريكي. بيانات جديدة من طوكيو أظهرت تباطؤاً غير متوقع في أسعار المنتجين لشهر أغسطس، مما أدى إلى ضغوط سلبية على العملة اليابانية، وأثّر بشكل كبير على توقعات السياسة النقدية لبنك اليابان. تشير البيانات إلى أن مؤشر أسعار المنتجين في اليابان ارتفع بنسبة 2.5% في أغسطس، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 2.8%.

كما سجل المؤشر زيادة بنسبة 3.0% في يوليو. هذا التباطؤ في أسعار المنتجين يعكس تراجعاً في الضغوط التضخمية، وهو ما قد يقلل من الحاجة إلى تغييرات جذرية في السياسة النقدية للبنك المركزي الياباني. يُعتبر مؤشر أسعار المنتجين مؤشرًا رائدًا لأسعار المستهلكين، مما يعني أن هذه البيانات قد تشير إلى مزيد من التباطؤ في مستويات التضخم الرئيسية في اليابان، وهو ما قد يدعم قرار البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال الاجتماع المقرر في سبتمبر. في سياق موازٍ، ارتفعت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، وهو ما يعزز من قوة الدولار الأمريكي ويضغط سلباً على الين الياباني. العوائد المرتفعة على السندات الأمريكية تجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالين، مما يساهم في دفع الدولار للارتفاع مقابل الين.

على صعيد التداولات، ارتفع الدولار بنسبة 0.4% مقابل الين الياباني ليصل إلى 142.95 ين، بعد أن افتتح التعاملات عند 142.36 ين وسجل أدنى مستوى له عند 142.23 ين. خلال يوم الأربعاء، سجل الين الياباني ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1% مقابل الدولار، بعد أن حقق أعلى مستوى له في تسعة أشهر عند 140.71 ين. ولكن، مع صدور البيانات الجديدة، شهدت العملة اليابانية ضغوطاً ملحوظة.

التوقعات المستقبلية لأسعار الفائدة اليابانية و الين

تشهد الأسواق المالية تطورات هامة تتعلق بأسعار الفائدة اليابانية وعوائد السندات الأمريكية، مما يعكس تأثيرًا ملحوظًا على اتجاهات العملات والاقتصادات الكبرى. مع اقتراب اجتماع بنك اليابان في 20 سبتمبر، تبدو التوقعات واضحة بشأن السياسة النقدية، في حين أن ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يعزز من قوة الدولار الأمريكي. فيما يخص السياسة النقدية اليابانية، لا يتوقع المتداولون رفع أسعار الفائدة اليابانية للمرة الثالثة هذا العام. التوقعات تشير إلى أن بنك اليابان لن يتخذ أي إجراءات حاسمة لزيادة أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، مع ترجيح فرصة أقل لرفعها في اجتماع أكتوبر.

بدلاً من ذلك، يُنظر إلى اجتماع ديسمبر باعتباره الموعد المحتمل لرفع أسعار الفائدة، مع احتمالات تصل إلى نحو 80%. هذا التوجه يعكس الحذر الذي يتبعه البنك المركزي الياباني في التعامل مع الضغوط التضخمية، في ظل التباطؤ الأخير في بيانات أسعار المنتجين والذي يقلل من الحاجة إلى تغييرات كبيرة في السياسة النقدية. في الجانب الآخر من المحيط، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 0.4 نقطة مئوية يوم الخميس، مسجلةً صعودًا للجلسة الثانية على التوالي. هذه الزيادة تأتي بعد فترة من التراجع، حيث كانت العوائد قد وصلت إلى أدنى مستوى لها في 15 شهرًا عند 3.605%.

الارتفاع الأخير في العوائد يعزز من قوة الدولار الأمريكي، نظرًا لأن العوائد المرتفعة على السندات تجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنةً بالعملات الأخرى. الزيادة في عوائد السندات الأمريكية تأتي في وقت اتسمت فيه معظم بيانات أسعار المستهلكين لشهر أغسطس بالتماشي مع توقعات السوق. ومع ذلك، سجل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي ارتفاعًا غير متوقع في القراءة الشهرية، بينما استقر عند مستويات ثابتة في القراءة السنوية. هذا الارتفاع غير المتوقع في مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي يعزز من المخاوف بشأن استمرار الضغوط التضخمية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التحركات في السياسة النقدية الأمريكية في المستقبل القريب.

تأثير البيانات الاقتصادية على السياسات النقدية 

تعكس البيانات الاقتصادية الأخيرة عن التضخم الأساسي في الولايات المتحدة تحديات كبيرة لصانعي السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي. تشير الأرقام إلى أن التضخم الأساسي في الولايات المتحدة لا يزال ثابتا بشكل عنيد، مما يثير قلق المسؤولين في البنك المركزي حول كيفية التعامل مع الضغوط التضخمية المستمرة.

هذا الثبات في التضخم الأساسي يضعف من احتمالات اتخاذ إجراءات تخفيفية جذرية في السياسة النقدية، مثل خفض أسعار الفائدة بشكل كبير. وفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة “CME”، تراجعت احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر من 35% إلى 17%. وفي الوقت نفسه، ارتفعت احتمالات الخفض بنحو 25 نقطة أساس من 65% إلى 83%. هذا التغيير في التوقعات يعكس الزيادة في التوترات بشأن سياسة الاحتياطي الفيدرالي في ظل استمرار التضخم الأساسي المرتفع.

يتابع المتعاملون الآن البيانات الاقتصادية القادمة عن كثب، بما في ذلك بيانات أسعار المنتجين وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية المقرر صدورها في وقت لاحق اليوم. هذه البيانات قد تلعب دوراً حاسماً في إعادة تسعير احتمالات السياسة النقدية، حيث أن أي تغييرات كبيرة في أرقام التضخم أو سوق العمل يمكن أن تؤثر بشكل كبير على توقعات السوق بشأن الخطوات المقبلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. من جهة أخرى، تتأثر توقعات أداء الين الياباني بشكل كبير بالتغيرات في السياسة النقدية الأمريكية. تشير التوقعات إلى أن الين الياباني قد يواصل التراجع مقابل الدولار الأمريكي، خاصة إذا قلصت البيانات المنتظرة حول أسعار المنتجين وطلبات إعانة البطالة من احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر.

هذا التراجع في الين قد يكون نتيجة للضغط المتزايد على العملة اليابانية في ظل تعزيز الدولار الأمريكي بفضل توقعات السوق المتفائلة بزيادة أسعار الفائدة. بشكل عام، تترقب الأسواق نتائج البيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة، حيث سيكون لها تأثير كبير على توجهات السياسة النقدية في الولايات المتحدة وعلى الأداء المحتمل للين الياباني.