سجل قطاع التصنيع في الولايات المتحدة تراجعًا في النشاط الاقتصادي خلال شهر أغسطس للشهر الخامس على التوالي، وللمرة الحادية والعشرين خلال آخر 22 شهرًا، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن معهد إدارة التوريد (ISM®). هذا التقرير يعكس حالة التباطؤ المستمرة التي يشهدها القطاع، مما يشير إلى تحديات متواصلة تواجه الصناعات التحويلية في البلاد.
وفقًا لتيموثي ر. فيوري، رئيس لجنة مسح الأعمال التصنيعية في معهد إدارة التوريد، ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (PMI) بشكل طفيف إلى 47.2% في أغسطس مقارنة بـ 46.8% في يوليو. رغم هذه الزيادة الطفيفة، يبقى المؤشر أقل من 50%، ما يدل على استمرار الانكماش في القطاع. ومن الجدير بالذكر أن الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة يواصل التوسع للشهر الثاني والخمسين على التوالي، بعد انكماشٍ وحيد في أبريل 2020.
إلى جانب ذلك، شهد مؤشر الطلبات الجديدة انخفاضًا إلى 44.6% في أغسطس، مقارنة بـ 47.4% في يوليو، مما يشير إلى ضعف الطلب على السلع المصنعة. كما تراجع مؤشر الإنتاج إلى 44.8% من 45.9% في الشهر السابق، ما يعكس تباطؤًا إضافيًا في الأنشطة التصنيعية.
من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر الأسعار إلى 54% في أغسطس مقارنة بـ 52.9% في يوليو، مما يشير إلى زيادة في تكاليف الإنتاج. كما ارتفع مؤشر الطلبات إلى 43.6% مقارنة بـ 41.7% في يوليو، بينما سجل مؤشر التوظيف تحسنًا ليصل إلى 46% من 43.4% في الشهر السابق، مما يعكس تحسنًا طفيفًا في سوق العمل داخل القطاع.
أما مؤشر تسليمات الموردين فقد انخفض إلى 50.5% من 52.6% في يوليو، مما يشير إلى تباطؤ في عمليات التسليم مع تحسن الاقتصاد وزيادة الطلب من العملاء. وبالنسبة لمؤشر المخزونات، فقد ارتفع إلى 50.3% من 44.5% في يوليو، مما يعكس تراكمًا في المخزونات. وفي السياق نفسه، انخفض مؤشر طلبات التصدير الجديدة إلى 48.6% مقارنة بـ 49% في يوليو، بينما سجل مؤشر الواردات ارتفاعًا إلى 49.6% من 48.6% في الشهر السابق، مما يشير إلى استمرار الضغوط على قطاع التصنيع.
تحسن طفيف في قطاع التصنيع الأمريكي رغم استمرار الانكماش
شهد قطاع التصنيع في الولايات المتحدة تباطؤًا أقل حدة في انكماشه خلال شهر أغسطس مقارنة بالشهر السابق، على الرغم من استمرار التحديات الاقتصادية. أوضح فيوري أن الطلب لا يزال ضعيفًا، حيث انخفض مؤشر الطلبات الجديدة إلى مزيد من الانكماش، وازداد انكماش مؤشر طلبات التصدير الجديدة بشكل طفيف. في الوقت نفسه، استمر مؤشر الطلبات المتراكمة في الانكماش بشكل قوي، فيما استقرت مخزونات العملاء عند مستويات “مناسبة تمامًا”، مما يعكس نوعًا من الاستقرار في هذا الجانب من السوق. ويشير ذلك إلى أن الشركات لا تزال تواجه صعوبة في تحفيز الطلب على منتجاتها، وهو ما ينعكس سلبًا على مستويات الإنتاج والتوظيف.
كما شهد الناتج في قطاع التصنيع انكماشًا معتدلاً، حيث تراجع الإنتاج بوتيرة أكبر مما كان عليه في السابق، بينما سجل التوظيف انخفاضًا أقل حدة مقارنة بشهر يوليو. اتجهت الشركات المصنعة إلى تقليل مستويات الإنتاج بشكل أكبر وتقليص عدد العاملين لديها خلال شهر أغسطس، في محاولة للتكيف مع الطلب الضعيف والمستمر. ومع ذلك، استمرت المدخلات، التي تشمل عمليات تسليم الموردين والمخزونات والأسعار والواردات، في استيعاب نمو الطلب المستقبلي، حيث يعود جزء من هذا النمو في المخزون إلى عدم التوافق بين توقيت العرض والطلب.
من جهة أخرى، يؤثر الوضع الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة على قرارات الشركات، حيث تعزف الشركات عن الاستثمار في رأس المال والمخزونات بسبب السياسة النقدية الفيدرالية الحالية وحالة عدم اليقين المرتبطة بالانتخابات المقبلة. تسبب هذا في تراجع الإنتاج مقارنة بشهر يوليو، مما زاد من الضغوط على الربحية. ومع ذلك، شهد القطاع بعض التحسن، حيث سجلت نسبة الناتج المحلي الإجمالي للصناعات التحويلية التي شهدت انكماشًا انخفاضًا إلى 65% في أغسطس مقارنة بـ 86% في يوليو. من الجدير بالذكر أن بعض الصناعات التحويلية، مثل الأغذية والمشروبات ومنتجات التبغ ومنتجات الكمبيوتر والإلكترونيات، شهدت توسعًا في أغسطس بعد عدم تحقيق أي نمو في يوليو. ومع ذلك، لا تزال العديد من الصناعات الأخرى، مثل مصانع النسيج والطباعة والمنتجات المعدنية والمطاطية، تعاني من الانكماش.
أهمية مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM وتأثيره
مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM هو مؤشر اقتصادي رئيسي يقيس أداء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة. وفيما يلي بعض النقاط المهمة حول مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM:
التعريف: يعتمد مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM على مسح شهري لمديري المشتريات في قطاع التصنيع. ويقيم عوامل مثل الطلبات الجديدة ومستويات الإنتاج والتوظيف وتسليمات الموردين والمخزونات.
الأهمية: يعد مؤشر مديري المشتريات مؤشرًا رائدًا للصحة الاقتصادية لأنه يوفر رؤى حول حالة قطاع التصنيع. يشير مؤشر مديري المشتريات فوق 50 إلى التوسع في نشاط التصنيع، في حين يشير القراءة أقل من 50 إلى الانكماش.
المكونات: تشمل المكونات الرئيسية لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM ما يلي:
- الطلبات الجديدة: تشير إلى الطلب المستقبلي على السلع المصنعة.
- الإنتاج: يعكس مستويات الإنتاج الحالية والمتوقعة.
- التوظيف: يقيس اتجاهات التوظيف في قطاع التصنيع.
- تسليمات الموردين: تعكس أداء الموردين والاختناقات المحتملة.
- المخزونات: تشير إلى التغيرات في مخزونات المواد الخام والسلع النهائية.
- التأثير على السوق: يمكن أن تؤثر التغييرات في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM على الأسواق المالية. يمكن اعتبار قراءة مؤشر مديري المشتريات الأعلى من المتوقع إيجابية للاقتصاد وقد تؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين، في حين أن القراءة المنخفضة قد يكون لها التأثير المعاكس.
- التداعيات السياسية: يراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي وصناع السياسات عن كثب مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM عند اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية، لأنه يوفر رؤى حول النمو الاقتصادي والضغوط التضخمية وظروف سوق العمل.
- التأثير العالمي: لا يعد مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM مهمًا للاقتصاد الأمريكي فحسب، بل يعمل أيضًا كمقياس لنشاط التصنيع العالمي. يمكن أن يكون للتغيرات في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي آثار جانبية على التجارة الدولية والأسواق المالية.
باختصار، يعد مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM مؤشرًا بالغ الأهمية يوفر معلومات قيمة حول صحة واتجاه قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، مما يؤثر على قرارات الاستثمار وصنع السياسات والتوقعات الاقتصادية العامة.