رفع أسعار الفائدة: أداة هامة للبنوك المركزية للحد من التضخم  

أسعار الفائدة

رفعت مصر أسعار العائد على العملة المحلية بنحو 1100 نقطة أساس منذ مارس 2022، وهو ما كان كفيلاً بإرهاق الشركات. يقول المحلل الاقتصادى الكلي: «رفع أسعار الفائدة له أضرار أساسية بالاقتصاد، أولها زيادة الدين الحكومي، وابتعاد الشركات عن خيار الاقتراض الاستثماري». ويرى حسن المراكبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبي للصلب، «رفع الفائدة معضلة للمصانع ويسحب السيولة من السوق».

ناك العديد من النقاط المهمة التي يمكن التطرق إليها حول رفع أسعار الفائدة وتأثيره على الشركات والاقتصاد:

يعتبر رفع أسعار الفائدة أداة هامة للبنوك المركزية للحد من التضخم ودعم قيمة عملتها. لكن ذلك غالباً ما يكون على حساب النمو الاقتصادي.

يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة التمويل المصرفي بالنسبة للشركات والأفراد، مما يقلل من قدرتهم على الاقتراض لتمويل الاستثمارات ورأس المال العامل.

تتأثر الشركات ذات الديون العالية بشكل خاص لأن زيادة تكاليف التمويل تضغط على هوامش ربحها وتقلل من قدرتها على خدمة الديون.

تأثر الشركات الصناعية وشركات البنية التحتية بشكل أكبر من غيرها لأنها تعتمد على قروض طويلة الأجل لتمويل مشاريع الاستثمار الكبرى.

يؤدي رفع الفائدة إلى تقليل الطلب على السلع والخدمات وبالتالي تقليل الإنتاج والنمو الاقتصادي.

تزداد قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأخرى، ما يضعف المنتجات والخدمات المحلية في السوق العالمي.

وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة بيزنس كوميونتي، أننا نتوقع إصدار شهادات ادخار بفائدة 20% أو أكثر لتحجيم السيولة في السوق، وخفض معدل الدولرة

وبالمحصلة ستكون السيولة النقدية والاستهلاك أقل، ويبقى الهدف من قرار رفع سعر الفائدة امتصاص السيولة النقدية من السوق لإبطاء الاستهلاك، وهو أولى الطرق لخفض التضخم في أي اقتصاد.

كما أن رفع سعر الفائدة سيدفع في اتجاه انتقال السيولة إلى البنوك على شكل ودائع يحصل أصحابها مقابلها على فوائد مرتفعة من البنوك كأداة استثمار، وهنا ينجح البنك المركزي في سحب السيولة من الأسواق.

التضخم في مصر مدفوع بعوامل خارجية

وأشار إلى أن التضخم في مصر مدفوع بعوامل خارجية منها اتجاه الفيدرالي الأميركي لرفع الفائدة والتي تؤثر على اقتصاديات الدول ومنها مصر.

ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس ، وانخفضت قيمة العملة المحلية 14.5%، وأعلن البنك المركزي أنه توصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.

رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية ، لتبلغ بذلك أعلى مستوياتها في 16 عاما، وعزا ذلك لاستمرار ارتفاع التضخم.

وحدد البنك سعر الفائدة الرئيسي لليلة واحدة عند نطاق 5.25% إلى 5.5%، وترك البيان المصاحب للإعلان الباب مفتوحا لزيادة أخرى.

ورفع البنك أسعار الفائدة للمرة الـ11 منذ مارس2022، وجاء القرار في ظل توقعات أغلبية المحللين بأن تكون الزيادة الأخيرة فكيف يتسبب رفع سعر الفائدة في كبح التضخم؟ التضخم ظاهرة عالمية فاقمتها الحرب الروسية في أوكرانيا وتعطل سلاسل التوريد العالمية بعد إغلاقات “كوفيد-19” في الصين، ولمكافحته تتخذ بنوك مركزية أخرى في العالم إجراءات مماثلة. وقد يكون رفع سعر الفائدة الأداة النقدية الأبرز لدى كافة البنوك المركزية لكبح جماح التضخم، لكنها قد لا تصيب دائما.

ومن الناحية النظرية، تقول القاعدة إن قرار رفع سعر الفائدة يزيد عبء القروض الجديدة والقائمة، مما يعني أن عملاء البنوك سيفكرون أكثر من مرة قبل الإقدام على الاقتراض.ويعود ذلك إلى أن البنوك ستزيد سعر الفائدة على الراغبين في الاقتراض، مما يعني أنهم (عملاء البنوك) قد يتخذون قرارا بتأجيل الاقتراض إلى حين هبوطه.

وسيتسبب قرار التأجيل في عدة أمور، منها: أنه قد يكون سببا في التراجع عن شراء سلعة أو خدمة ما، أو توسيع مشروع قائم أو فتح آخر جديد. وأنه سيبطئ عمليات التوظيف.

كيف يؤثر سعر الفائدة على الاقتصاد؟

1-تراجع فوري للطلب على الاقتراض.

بالمقابل، زيادة الطلب على إيداع الأموال.

2-تراجع وتيرة الاستثمار.

3-هبوط وتيرة الإنفاق بكل أنواعه.

4-تأثر مباشر للقطاعات الإنتاجية وسوق العمل.

5-تأثر الأسواق المالية.

6-تأثر أسواق الأسهم.

كيف يؤثر رفع سعر الفائدة على المواطن العادي؟

بالنسبة للمواطن العادي -وبشكل مبسط- من شأن رفع سعر الفائدة أن يؤدي إلى:

زيادة تكاليف اقتراضه من البنوك.

دفع مزيد من الأموال مقابل الحصول على الخدمات الحيوية.

دفع المزيد للحصول على قروض الاستثمار والسيارات.

من المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، اليوم، اجتماعا لمراجعة أسعار الفائدة. وتشير توقعات شريحة كبيرة من المحللين وشركات الأبحاث والدراسات، إلى اتجاه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة.

في الوقت الحالي، يبلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 18.25% و19.25% على الترتيب. في حين يبلغ سعر الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي 18.75%. ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بإجمالي 1000 نقطة أساس منذ مارس 2022، لكنه أبقى عليها دون تغيير في اجتماعي مايو ويونيو من العام الحالي.

كانت إدارة البحوث بشركة “إتش سي” للأوراق المالية والاستثمار، قد رجحت أن تبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، على أسعار الفائدة الحالية دون تغيير في اجتماعها المقرر عقده مساء اليوم.

وأشارت، إلى تصاعد التضخم للشهر الثاني على التوالي مسجلا 35.7% على أساس سنوي في يونيو مرتفعا من 32.8% في مايو على أساس سنوي، حيث ارتفعت الأسعار الشهرية بنسبة 2.08% على أساس شهري في يونيو مقارنة بـ 2.72% في الشهر السابق له.

وعلى صعيد الاقتصاد العالمي، قام الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء الماضي لتصل إلى نطاق 5.25-5.50% أي بإجمالي رفع 100 نقطة أساس منذ بداية العام حتى تاريخه و425 نقطة أساس في 2022.

ورجحت محللة الاقتصاد الكلي بشركة “إتش سي”، هبة منير، أن يستمر التضخم في مصر في الارتفاع بنسبة 2.0% على أساس شهري ليسجل 36.6% على أساس سنوي لشهر يوليو 2023، بالتزامن مع نقص بعض السلع والمدخلات نتيجة تشديد عمليات الاستيراد وضعف توافر العملة الصعبة.

توقع نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية

وأشارت إلى أن ضبط الاستيراد، بالتزامن مع تحسن عائدات السياحة، دفع إلى تسجيل فائض في صافي ميزان المدفوعات في مصر خلال الربعين الأول والثاني من العام المالي 2022/2023 بقيمة 523 مليون دولار و75.6 مليون دولار على التوالي، إلا أنه تحول ليسجل عجزا بمقدار 317 مليون دولار في الربع الثالث من نفس العام بسبب تراجع الصادرات بنسبة 17% تقريبا على أساس ربع سنوي متأثرًا بانخفاض أسعار الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية، وكذلك انخفاض فائض صافي ميزان الخدمات بنسبة 46% مقارنة بالربع السابق له”.

كما توقع نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، الدكتور أشرف غراب، أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها اليوم، إلى تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، رغم ارتفاع معدل التضخم الأساسي، ورغم قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة في نهاية يوليو بنحو 25 نقطة أساس ليصبح معدل الفائدة 5.5%، بالرغم من هدوء وتيرة التضخم الأميركي مؤخرا.

أوضح، أن رفع سعر الفائدة ليست الأداة الوحيدة لمواجهة التضخم، وأن رفعها خلال الفترات الماضية لم يكن مجديا لخفض معدلات التضخم بالقدر الكافي لأن التضخم ليس مرتبطا بوفرة السيولة لدى المواطن ولكنه مرتبط بعوامل خارجية تسببت في رفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، وارتفاع أسعار الطاقة والشحن والنقل عالميا وتباطؤ سلاسل التوريد، إضافة لارتفاع أسعار الحبوب بعد الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأشار، إلى أن رفع سعر الفائدة يتسبب في رفع نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة ما يؤدي لزيادة التكلفة على الراغبين في الاستثمار والتوسع في مشروعاتهم القائمة وهذا يؤدي لتباطؤ اقتصادي، إضافة إلى أن رفع الفائدة يزيد التكاليف التمويلية على المنتجين والتجار ما يسبب ارتفاع الأسعار.

وقال إن الشهادات الادخارية التي طرحتها البنوك خلال الفترة الماضية، إضافة إلى شهادة الادخار الدولارية، فإن هذه الشهادات سحبت السيولة من الأسواق والتي يحوزها المواطنين في منازلهم وأصبحت في المصارف، ولهذه الأسباب فإن تثبيت سعر الفائدة قد يكون القرار الأقرب للجنة.