ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار والترقب الاقتصاد

الذهب

ارتفعت أسعار الذهب العالمية في تعاملات يوم الثلاثاء، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي. يأتي ذلك في وقت ينتظر فيه المتداولون ما إذا كانت خطط التعريفات الجمركية التي وضعها الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستكون أكثر مرونة من المتوقع. بينما يترقب المستثمرون أيضًا بيانات الوظائف الأمريكية لتقييم التوجهات المستقبلية لأسعار الفائدة التي يحددها الاحتياطي الفيدرالي.

صرح المحلل الاستراتيجي في الأسواق لدى شركة  IG، ييب جون رونغ، بأن “أسعار الذهب تمكنت من الاستقرار رغم التراجع الطفيف في الدولار الأمريكي ليلة أمس. لكن العوائد المرتفعة لسندات الخزانة الأمريكية قد تستمر في فرض ضغوط على المكاسب المستقبلية للذهب”.

في هذا السياق، بلغ عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات أعلى مستوياته منذ مايو 2024 يوم الاثنين. بينما استقر الدولار بالقرب من أدنى مستوياته في أسبوع. تراجع الدولار أمام العملات الأخرى بعد تقرير إعلامي أشار إلى أن مستشاري ترامب يدرسون فرض تعريفات جمركية فقط على القطاعات التي تعد حيوية لأمن الولايات المتحدة الاقتصادي أو القومي. إلا أن ترامب نفى التقرير، مما زاد من حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية المستقبلية.

من المعروف أن الذهب يعد ملاذًا آمنًا ضد حالات عدم اليقين والتضخم. ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية المعدن الأصفر الذي لا يحقق أي عوائد.

تقرير الوظائف الأمريكية في الأفق

تنتظر الأسواق تقرير الوظائف الأمريكي المقرر صدوره يوم الجمعة المقبل. هذا التقرير قد يكون له دور كبير في تسليط الضوء على التوجه المستقبلي لسياسة الاحتياطي الفيدرالي. كما ستصدر بيانات فرص العمل في الولايات المتحدة اليوم، ومن المتوقع أن تسهم في تقييم الوضع الاقتصادي. علاوة على ذلك، سيصدر تقرير التوظيف لشهر ديسمبر من شركة ADP، بالإضافة إلى محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر ديسمبر يوم الأربعاء.

الذهب يشهد تراجعًا في أسواق الأمس

وقال ييب: “تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة سيكون الحدث الأبرز هذا الأسبوع. إذا استمر معدل البطالة عند 4.2%، فقد يُظهر ذلك أن خفض أسعار الفائدة قد يتم بوتيرة أبطأ مما كان متوقعًا، ما قد يسهم في دعم أسعار الذهب ضمن نطاقها الحالي”.

وفي ديسمبر الماضي، توقع البنك المركزي الأمريكي تخفيضات أقل في أسعار الفائدة لعام 2025. وقد أبدى صناع القرار في البنك مخاوفهم المستمرة من ارتفاع معدلات التضخم التي تؤثر على الاقتصاد الأمريكي.

الذهب يشهد تراجعًا في أسواق الأمس

شهدت أسعار الذهب تراجعًا للجلسة الثانية على التوالي يوم الإثنين. جاء ذلك بالتزامن مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، بينما تترقب الأسواق بيانات اقتصادية هامة هذا الأسبوع من الولايات المتحدة.

عند تسوية تعاملات الإثنين، تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر فبراير بنسبة 0.25%، بما يعادل 7.3 دولار، ليصل إلى 2647.40 دولار للأوقية. على الرغم من هذا التراجع، إلا أن الذهب لا يزال يشهد تحركات مستقرة مقارنةً بتقلبات الأسواق الأخرى.

التداولات الحالية للذهب والدولار

وفي الوقت الحالي، شهدت أسعار الذهب الفوري زيادة بنسبة 0.4%، ليصل سعر الأوقية إلى 2,644.79 دولار. كذلك، ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3%، مسجلة 2,655.00 دولار للأوقية.

على الجانب الآخر، تراجعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.2%، ليصل إلى 107.88 نقطة. هذا التراجع في الدولار يعزز من جاذبية الذهب في الأسواق العالمية. حيث يسهم ضعف الدولار في جعل الذهب أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب.

حركة المعادن الثمينة الأخرى

بالإضافة إلى الذهب، شهدت المعادن الثمينة الأخرى أيضًا تحركات إيجابية يوم الثلاثاء. فقد ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.6%، لتصل إلى 30.12 دولار للأوقية. كما سجل البلاتين زيادة بنسبة 0.6% ليصل إلى 938.55 دولار. بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.4%، ليصل إلى 924.52 دولار للأوقية.

دور السياسة النقدية في الأسواق

إن السياسة النقدية التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي لها تأثير كبير على حركة أسعار الذهب في الأسواق العالمية. يتبع الفيدرالي الأمريكي سياسة رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، وهي خطوة تؤثر بشكل مباشر على جاذبية المعدن الأصفر ” الذهب “. فعندما ترتفع أسعار الفائدة، يصبح المعدن الاصفر أقل جاذبية مقارنة بالأدوات المالية التي توفر عوائد ثابتة مثل السندات.

لكن في حالة تقليص الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، يعود الذهب ليظهر كملاذ آمن. في هذا السياق، يترقب المستثمرون أي إعلانات جديدة قد تصدر عن الفيدرالي، والتي قد تؤثر على السوق بشكل كبير. إن التذبذبات التي نشهدها في الأسواق المالية تعكس حالة من الحذر والترقب لقرارات قادمة.

الذهب كمؤشر اقتصادي

لا يقتصر دور الذهب على كونه سلعة ثمينة يتم تداولها في الأسواق المالية فقط. بل يعد أيضًا مؤشرًا اقتصاديًا مهمًا. إن تغيرات أسعار الذهب تعكس في بعض الأحيان مشاعر المستثمرين تجاه الأوضاع الاقتصادية العالمية. في فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، يلجأ المستثمرون إلى الذهب باعتباره من الأصول التي تحافظ على قيمتها.

ومع تصاعد القلق العالمي من التضخم والأزمات الاقتصادية، يظل الذهب أحد الخيارات المفضلة للمستثمرين الذين يسعون لحماية أموالهم من تقلبات السوق بصفته الملاذ الامن.

تواصل أسعار الذهب تحركاتها المدفوعة بتقلبات الدولار الأمريكي وتوقعات الأسواق بشأن السياسات الاقتصادية المستقبلية. وفي ظل التوترات الاقتصادية الحالية، يترقب المتداولون والمستثمرون بيانات اقتصادية هامة قد تسهم في تحديد اتجاه الأسواق في الأيام المقبلة. كما أن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي تلعب دورًا محوريًا في تحديد جاذبية الذهب كاستثمار آمن. يظل الـذهب مع مرور الوقت واحدًا من أبرز الأدوات المالية التي يظل المتداولون يستفيدون منها في حماية أموالهم في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.