شهدت أسعار الذهب العالمية تحوّلاً نحو الارتفاع، بالرغم من الزيادة في قيمة الدولار الأمريكي، وذلك خلال تعاملات يوم الاثنين. ينتظر المستثمرون مزيدًا من الإشارات حول إمكانية خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. و ارتفع مؤشر الدولار، ليقترب من أعلى مستوياته خلال شهرين، المسجلة الأسبوع الماضي. يؤدي ارتفاع الدولار إلى جعل الذهب أقل جذبًا لحاملي العملات الأخرى. وقال كبير محللي السوق “تستمر قوة الدولار في مواجهة توقعات خفض الفائدة، مما يعيق ارتفاع أسعار الذهب”. مع هذه الديناميكيات، يبقى سؤال المستثمرين: هل ستشهد أسعار الذهب تراجعًا إضافيًا يصل بها إلى 2600 دولار؟
تحليل فرص خفض أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر
تظهر التوقعات الحالية أن المتداولين يرون فرصة بنسبة 89% لخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه المرتقب في نوفمبر. في المقابل، تقدر فرصة بحدود 11% لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير. هذه التوقعات جاءت بعد صدور بيانات يوم الجمعة الماضي، التي أظهرت استقرار مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة. وفقًا لبيانات وزارة العمل الأمريكية، تباطأ التضخم السنوي في أسعار المنتجين إلى 1.8% خلال شهر سبتمبر، مقارنة بقراءة معدلة عند 1.9% في أغسطس. هذه الأرقام تعكس أقل وتيرة ارتفاع منذ فبراير الماضي.
التطورات الأخيرة تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكون في وضع يسمح له باتخاذ قرار خفض الفائدة. استمرار التباطؤ في التضخم يعد عاملاً مهماً، إذ يسعى البنك إلى دعم الاقتصاد وسط تباين في الإشارات الاقتصادية. ان المراقبون يترقبون أي معلومات إضافية قد تصدر عن البنك خلال الفترة المقبلة، حيث قد تؤثر أي تصريحات على اتجاه السوق. من المتوقع أن تشكل هذه البيانات أساسًا للقرارات المستقبلية، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية.
تراجع ثقة المستهلكين في أمريكا وتأثيره على سوق الذهب
كما أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يحفز النمو الاقتصادي، مما يعزز من ثقة المستهلكين ويزيد من الإنفاق. ومع ذلك، فإن أي تحرك بهذا الاتجاه يحتاج إلى تقييم شامل للوضع الاقتصادي. و إجمالًا، تشير جميع المعطيات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تقلبات ملحوظة في السوق، حيث ينتظر المستثمرون إشارات واضحة من البنك. في هذا السياق، تظل العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية محورية في تشكيل توجهات بنك الاحتياطي الفيدرالي.
كشفت بيانات جامعة “ميتشجان” عن تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 1.7% على أساس شهري، حيث سجل 68.9 نقطة في القراءة الأولية لشهر أكتوبر. وكانت القراءة السابقة في سبتمبر قد بلغت 70.1 نقطة، مما يعني أن الرقم الجديد جاء دون التوقعات التي كانت تشير إلى 70.9 نقطة. هذا التراجع في ثقة المستهلكين قد يؤثر على سلوك السوق بشكل عام، ويجعل المستثمرين أكثر حذرًا في قراراتهم المالية. في ظل هذه الأجواء، يشهد الذهب انتعاشًا، إذ يعد ملاذًا آمنًا في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة وفترات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية.
تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة عاملاً مساعدًا على زيادة جاذبية الذهب، حيث إن المعدن الثمين لا يحقق عائدًا كبيرًا في الظروف الاقتصادية الطبيعية. لذا، فإن أي توقعات بشأن تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة قد تعزز من الطلب على الذهب. في هذا السياق، ينتظر المستثمرون تصريحات مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع الجاري، حيث ستكون هذه التصريحات مؤشرات حيوية حول الاتجاهات المستقبلية لأسعار الفائدة. كما تترقب الأسواق أيضًا بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية، التي قد تعكس القوة الاقتصادية العامة. و تستمر العوامل الاقتصادية والسياسية في التأثير على الأسواق المالية. مع تزايد القلق بشأن الاستقرار الاقتصادي، يتجه الكثير من المستثمرين نحو الأصول التي توفر الأمان، مثل الذهب.
أسعار الذهب تعزز مكاسبها مع تباطؤ التضخم وتراجع ثقة المستهلكين
من المتوقع أن تبقى هذه الديناميكيات مؤثرة على السوق في الأيام المقبلة. إجمالًا، تُظهر البيانات الحالية أن المستهلكين الأمريكيين يشعرون بالقلق، مما قد يؤثر على الإنفاق ويدفع المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة. في ضوء هذه الظروف، ستستمر متابعة تصريحات الفيدرالي وبيانات مبيعات التجزئة، إذ قد تلعب دورًا حاسمًا في توجيه الأسواق. وقال ووترر في هذا السياق: “إذا أثار مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع المزيد من الشكوك حول عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي يمكن أن تحدث بين الآن ونهاية العام، فإن أي ارتفاع ناتج عن ذلك في الدولار قد يؤدي إلى اختبار هبوط الذهب واختبار مستويات الدعم حول 2600 دولار مرة أخرى”.
عززت أسعار العقود الآجلة للذهب مكاسبها المبكرة خلال تعاملات يوم الجمعة، مدعومة ببيانات اقتصادية تشير إلى تباطؤ التضخم السنوي في أسعار المنتجين الأمريكيين، بالإضافة إلى انخفاض ثقة المستهلكين. و عند تسوية التداولات، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 1.4%، ما يعادل 37 دولارًا، ليصل السعر إلى 2676.30 دولارًا للأوقية. كما شهد المعدن الأصفر ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع بنسبة 0.3%. تأتي هذه التحركات في الأسعار في سياق قلق المستثمرين بشأن الاستقرار الاقتصادي. حيث تظل أسعار الفائدة وأرقام التضخم في بؤرة الاهتمام. ومع التوجه نحو بيئة اقتصادية غير مستقرة، يفضل العديد من المستثمرين التحول إلى الذهب كملاذ آمن.
تأثرت الأسواق بشكل ملحوظ ببيانات التضخم، حيث أشارت إلى أن ضغوط الأسعار قد بدأت في التراجع. هذا الأمر يعتبر إيجابيًا بالنسبة للمستثمرين. حيث يمكن أن يؤدي تباطؤ التضخم إلى تخفيض أسعار الفائدة في المستقبل، مما يعزز جاذبية الذهب. في الوقت نفسه، تراجع ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة يعكس قلقًا عامًّا بشأن الوضع الاقتصادي. عندما يشعر المستهلكون بعدم الثقة، فإنهم غالبًا ما يقللون من إنفاقهم، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
تحليل أسعار الذهب والدولار والمعادن الأخرى
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.27% ليصل إلى 2664 دولارًا للأوقية، مما يعكس توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة. في المقابل، صعدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.20% لتسجل 2681 دولارًا. على الجانب الآخر، شهد مؤشر الدولار ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليصل إلى 102.77 نقطة. هذا التباين بين أداء الذهب والدولار يعكس تأثيرات مختلفة على السوق، حيث يميل المستثمرون إلى حماية أموالهم في الذهب خلال أوقات الاضطراب.
فيما يتعلق بالمعادن الأخرى، تراجعت الفضة الفورية بنسبة 1.3% إلى 31.1275 دولارًا للأوقية، بينما انخفضت أسعار اللاتينيوم بنسبة 1.2% لتسجل 972.90 دولارًا. جاء هذا التراجع بعد سلسلة مكاسب استمرت لجلستين، مما يعكس تقلبات السوق. وعلى صعيد آخر، واصل البلاديوم تراجعه، حيث انخفض بنسبة 1.6% ليصل إلى 1051.81 دولار. هذه التحركات في الأسعار تشير إلى التحديات التي تواجه هذه المعادن، في ظل تقلبات العرض والطلب. و تظل أسعار الذهب تحت المراقبة في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة، حيث قد تؤثر أي بيانات اقتصادية جديدة على اتجاهات السوق.
مع استمرار متابعة المستثمرين للتطورات الاقتصادية، يظل الذهب في مركز الاهتمام كخيار استثماري. في ظل التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، يمكن أن يستمر الطلب على الذهب في الارتفاع، مما يدعم أسعار المعدن الأصفر. بصفة عامة، تشير هذه التطورات إلى أن الذهب قد يبقى في مسار صعودي إذا استمرت الظروف الاقتصادية الحالية، مما يمنح المستثمرين الفرصة للاستفادة من هذه الاتجاهات.