ارتفاع أسعار النفط مدعومًا بمخاطر الشرق الأوسط وخطة التحفيز الصينية

0
8
أسعار النفط

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا يوم الثلاثاء، بدعم من تزايد عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الخطط التحفيزية الصينية التي تم الكشف عنها مؤخرًا، إلى جانب بعض البيانات الاقتصادية الهامة. وعلى الرغم من هذه العوامل، إلا أن المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي، وكذلك تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، والمحادثات الجارية ساهمت في الحد من المكاسب المتحققة.

في هذا السياق، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 17 سنتًا، أي بنسبة 0.2%، لتصل إلى 71.24 دولارًا للبرميل بحلول الساعة 03:50 بتوقيت جرينتش. بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 14 سنتًا، أي بنسبة 0.2% أيضًا، لتصل إلى 67.72 دولارًا للبرميل.

وأشار محللون في شركة آي إن جي في مذكرة بحثية إلى أن عدة عوامل ساهمت في دعم أسعار النفط، إعلان الصين عن خطط جديدة لإنعاش الاستهلاك المحلي، التي تضمنت تعزيز الدخول وتقديم إعانات رعاية للأطفال. كما أظهرت بيانات اقتصادية صينية تسارعًا في نمو مبيعات التجزئة خلال شهري يناير وفبراير، ما أعطى المستثمرين سببًا للتفاؤل.

تحليل الأوضاع الاقتصادية في الصين وتأثيرها على أسواق النفط

أظهرت البيانات الصينية تحسنًا في بعض المؤشرات الاقتصادية، حيث سجلت مبيعات التجزئة زيادة غير متوقعة. كما أظهرت البيانات ارتفاعًا بنسبة 2.1% في استهلاك النفط الخام في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، خلال شهري يناير وفبراير مقارنة بالعام السابق. وقد ساهمت هذه الزيادة في دعم أسعار النفط، خصوصًا مع دخول مصفاة جديدة حيز العمل وزيادة حركة السفر في عطلات رأس السنة الصينية.

وفي ذات السياق، ألقى إعلان الحكومة الصينية عن خطة لتعزيز الاستهلاك المحلي بظلاله على الأسواق العالمية. تم تضمين العديد من التدابير في الخطة، مثل زيادة الدعم المالي للأسر وزيادة الحوافز لمشاريع الرعاية الاجتماعية. كانت هذه الخطوات جزءًا من جهود الصين لتعزيز الاقتصاد المحلي وسط الظروف الاقتصادية الصعبة.

التوترات الجيوسياسية وأثرها على أسعار النفط

لم تكن التوترات الجيوسياسية بعيدة عن التأثير على أسواق النفط. فقد تسببت في زيادة حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. حيث وعلى الرغم من هذه التطورات، أظهرت بعض التقارير أن الولايات المتحدة مستمرة في اتخاذ مواقف صارمة.

مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثير الرسوم الجمركية على الطلب العالمي

من ناحية أخرى، يظل الطلب العالمي على النفط يشكل مصدر قلق رئيسي. فقد أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير لها أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض البلدان ستؤدي إلى تراجع النمو في اقتصادات أمريكا الشمالية، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. هذا التراجع المتوقع في النمو الاقتصادي قد يترتب عليه انخفاض في الطلب على الطاقة عالميًا.

في هذا الإطار، صرح روبرت ريني، رئيس استراتيجية السلع في شركة ويستباك. بأن المعروض العالمي من النفط يشهد زيادة ملحوظة، بينما يؤثر تزايد الرسوم الجمركية والحروب التجارية سلبًا على الطلب العالمي. وأضاف ريني أنه من المرجح أن تواصل أسعار النفط التراجع في الفترة المقبلة. وقد تصل إلى منتصف الستينيات من الدولار للبرميل.

الإمدادات النفطية العالمية ومخاوف من ارتفاع المعروض

فيما يتعلق بالإمدادات النفطية العالمية. أظهرت وثيقة كشفت عنها شركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA) أنها تواصل العمل على ثلاثة سيناريوهات إنتاجية لزيادة صادرات النفط. وذلك رغم أن ترخيص شركة شيفرون الأمريكية سينتهي الشهر المقبل. وبحسب الوثيقة، فإن PDVSA تخطط لمواصلة إنتاج النفط من مشاريعها المشتركة وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المعروض النفطي في الأسواق العالمية.

انخفضت أسعار النفط بنحو 2% إلى أدنى مستوى في 12 أسبوعا يوم الاثنين وسط تقارير عن أن أوبك+ ستمضي قدما في زيادة إنتاج النفط المخطط لها في أبريل ومخاوف من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تضر بالنمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.19 دولار، أو 1.6%، لتسجل عند التسوية 71.62 دولار للبرميل. في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.39 دولار، أو 2.0%، ليغلق عند 68.37 دولار.

تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات

كانت تلك أدنى مستويات الإغلاق لخام برنت منذ السادس من ديسمبر ولخام غرب تكساس الوسيط منذ التاسع من ديسمبر وقال بوب يوجر. مدير عقود الطاقة الآجلة في ميزوهو. في تقرير، إن “النفط الخام تحت الحصار على جبهات متعددة. وهو عرضة لأحدث العناوين أو البيانات الاقتصادية الهبوطية”، مشيرا إلى قرار أوبك+، وبيانات التصنيع الأمريكية، ومحادثات السلام في أوكرانيا، والرسوم الجمركية الأمريكية.

قالت ثلاثة مصادر من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الاثنين إن المنظمة وحلفاء مثل روسيا. المعروفين باسم أوبك+، قرروا المضي قدما في زيادة إنتاج النفط المقررة في أبريل. وتخفض أوبك+ الإنتاج بمقدار 5.85 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل نحو 5.7% من الإمدادات العالمية، وهو ما تم الاتفاق عليه في سلسلة خطوات منذ عام 2022 لدعم السوق.

قالت بريطانيا إن عدة مقترحات قدمت لهدنة في القتال بين أوكرانيا وروسيا. بعدما طرحت فرنسا خطة لوقف إطلاق النار لمدة شهر يؤدي إلى محادثات سلام، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار إلى أن صبره بدأ ينفد. في هذه الأثناء، تعمل الولايات المتحدة على إعداد خطة لتخفيف  العقوبات المحتملة على روسيا. في الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى استعادة العلاقات مع موسكو ووقف الحرب في أوكرانيا. و روسيا هي ثالث أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وهي عضو في أوبك+.

التعريفات الجمركية الأمريكية

وتعهد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات من كندا والمكسيك، و10% على منتجات الطاقة الكندية. و أظهر قطاع حفر وخدمات حقول النفط في كندا علامات تباطؤ قبل التهديدات بالتعريفات الجمركية. وقالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم إن بلادها مستعدة لأي قرار تتوصل إليه واشنطن. وردا على الرسوم الجمركية الأميركية، قالت الصين. ثاني أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة، إنها تستعد لاتخاذ تدابير مضادة للرسوم الجمركية التي تستهدف الزراعة الأميركية.

مخاوف التضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

كان قطاع التصنيع في الولايات المتحدة مستقرا في فبراير/شباط، لكن مقياس الأسعار عند بوابة المصنع قفز إلى أعلى مستوى له في نحو ثلاث سنوات، واستغرق تسليم المواد وقتا أطول، مما يشير إلى أن الرسوم الجمركية على الواردات قد تؤدي قريبا إلى تقويض الإنتاج.

قال محللون إن الرسوم الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها قد أثارت أيضًا مخاوف التضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وقد يدفع هذا الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مما قد يُبطئ النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة.

وضغطت المخاوف بشأن تأثير التباطؤ المحتمل للنمو الاقتصادي على الطلب على النفط على أسعار خام غرب تكساس الوسيط. التي انخفضت بنحو 10% خلال الأسابيع الستة الماضية. ودفع ذلك المضاربين الأسبوع الماضي إلى خفض صافي مراكزهم الطويلة في العقود الآجلة والخيارات للخام الأميركي في بورصة نيويورك التجارية وبورصة إنتركونتيننتال إلى أدنى مستوى لها منذ أن سجلت أدنى مستوى لها على الإطلاق في ديسمبر 2023.

في أسواق الطاقة الأمريكية الأخرى، أدى بدء تداول عقد أبريل. باعتباره الشهر الابتدائي الجديد. إلى انخفاض عقود الديزل الآجلة إلى أدنى مستوى لها في تسعة أسابيع مع نهاية موسم التدفئة الشتوية. وارتفعت عقود البنزين الآجلة إلى أعلى مستوى لها في ستة أشهر قبل موسم القيادة الصيفي.

آفاق أسعار النفط في المستقبل القريب

مع تزايد المعروض من النفط في الأسواق العالمية، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية المستمرة. من المتوقع أن يظل الاتجاه العام لأسعار النفط غير مستقر. في ظل استمرار الحروب التجارية، ورسوم الجمارك الأمريكية، والعوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

فإن المخاوف من تباطؤ الطلب على النفط ستظل قائمة. في الوقت نفسه، تظل إمكانية التوصل إلى اتفاقيات تهدئة في أوكرانيا وحولها محل اهتمام الأسواق. حيث تعتقد الأسواق أن المفاوضات قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات على روسيا. وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا