تداولت العقود الآجلة للنفط الخام بشكل شبه مستقر يوم الأربعاء، حيث تم تداولها عند مستوى 69.14 دولار خلال جلسة التداول الأوروبية، وهو ما يعتبر نقطة محورية للمتداولين في السوق. شهدت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا اليوم، مدفوعة بزيادة الطلب في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، ما يعزز من التفاؤل في الأسواق. ومع تهدئة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت قد أثارت مخاوف بشأن انقطاع الإمدادات، زادت احتمالات استقرار السوق. بالإضافة إلى ذلك، أسهم التراجع البسيط في قيمة الدولار الأمريكي في تحفيز الطلب على النفط، حيث يجعل من الخام أرخص بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
في جانب آخر، سجل خام برنت القياسي العالمي ارتفاعًا بنسبة 0.43% ليصل إلى 72.49 دولارًا للبرميل، مقارنة بإغلاق الجلسة السابقة الذي كان عند 72.18 دولارًا. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنفس النسبة تقريبًا إلى 69.14 دولارًا للبرميل. بعد أن أغلق عند 68.53 دولارًا في الجلسة السابقة.
وقد أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي انخفاضًا أكبر من المتوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية. مما ساهم في تعزيز الاتجاه الصعودي للأسعار. حيث أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن انخفاض المخزونات بمقدار 5.93 مليون برميل في الأسبوع الماضي، خلافًا للتوقعات التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 250 ألف برميل. مما يعزز التفاؤل بشأن انتعاش الطلب في السوق الأمريكي.
ومن المنتظر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقريرها الرسمي حول المخزونات خلال اليوم. وهو ما قد يؤثر في حركة السوق. كما ساهم ضعف الدولار الأمريكي، الذي انخفض بنسبة 0.15% ليصل إلى 106.809، في تعزيز أسعار النفط. مما يعزز من الآمال في زيادة الطلب العالمي على الخام. وعلى الرغم من هذه العوامل الإيجابية، قد تظل العقود الآجلة للنفط الخام تحت الضغط. مع استمرار محاولاتها للتعافي من انخفاضات متتالية في الأيام السابقة.
تركيز الأسواق على اجتماع أوبك+ واستقرار الأوضاع الجيوسياسية
تستجيب أسواق النفط بشكل ديناميكي للتطورات الأخيرة. حيث دخل اتفاق وقف التوترات الجيوسياسية حيز التنفيذ يوم الأربعاء، بعد وساطة أمريكية وفرنسية. هذا الاتفاق أدخل شعوراً من الاستقرار في المشهد الجيوسياسي، لكن المتداولين لا يزالون حذرين بشأن مدى استدامة وقف التوترات الجيوسياسية.
في السياق ذاته، يترقب المستثمرون اجتماع أوبك+ المرتقب في الأول من ديسمبر. حيث تشير التوقعات إلى أن المنظمة، التي تتحكم في حوالي نصف إمدادات النفط العالمية، قد تتخذ قراراً بتأجيل الزيادة المقررة في الإنتاج خلال يناير المقبل. ويبدو أن التمديد المحتمل لتخفيضات الإنتاج الحالية بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً قد يكون له دور في دعم الأسعار حتى أوائل عام 2025.
رغم ذلك، تظل العقود الآجلة للنفط الخام تحت ضغط، متأثرة بانخفاضات متتالية على مدار يومين، ما يجعلها تكافح للتعافي. ويراقب التجار عن كثب استقرار اتفاق وقف التوترات الجيوسياسية كعامل رئيسي يمكن أن يؤثر على مسار السوق.
على المدى القصير، قد يؤدي التهدئة في التوترات الجيوسياسية إلى الحد من إمكانات الارتفاع في أسعار النفط. مع تراجع خطر انقطاع الإمدادات الفوري. ومع ذلك، في حال فشل هذا الاتفاق أو تجدد التوترات، فقد تشهد الأسعار قفزة سريعة استجابة لاحتمال قيود العرض الجديدة.
من جانب آخر، تدرس أوبك+ تأجيل الزيادة المخطط لها في الإنتاج، في ضوء الطلب الأقل من المتوقع، خاصة من الصين، وزيادة الإنتاج من دول غير أعضاء في المنظمة. هذا القرار قد يساهم في تعزيز الأسعار، على الرغم من استمرار المخاوف بشأن الإفراط في العرض.
وأخيراً، تشير البيانات الأمريكية الأخيرة إلى انخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات النفط، ما يعكس تقلص الإمدادات في السوق الأمريكية. مما قد يقدم دعماً مؤقتاً للأسعار. إلا أن التوترات التجارية المحتملة، مثل تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على واردات النفط من المكسيك وكندا. تضيف مزيداً من عدم اليقين إلى مستقبل أسواق النفط العالمية.
اتجاهات العرض الأمريكية ومخاطر التجارة وتأثيرها على أسعار النفط
أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي (API) انخفاضًا كبيرًا في مخزونات الخام الأمريكية. حيث تراجعت بنحو 5.94 مليون برميل في الأسبوع الماضي، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 600 ألف برميل. على الرغم من ذلك، سجلت مخزونات الوقود ارتفاعًا، مما يعكس حالة من الطلب المتفاوت.
وفي ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن العرض، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن اقتراح لفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات من المكسيك وكندا. وعلى الرغم من استثناء النفط الخام من هذه السياسة، إلا أن مثل هذه الإجراءات التجارية قد تؤثر بشكل غير مباشر على أسواق الطاقة من خلال التأثير على تدفقات التجارة العالمية.
تشير تقارير بنوك الاستثمار الكبرى مثل جولدمان ساكس ومورجان ستانلي إلى أن أسعار النفط الحالية تعتبر أقل من قيمتها الحقيقية. حيث يعاني السوق من عجز في العرض وتهديدات محتملة بشأن الإنتاج الإيراني. وتتوقع هذه البنوك أن يتداول خام غرب تكساس الوسيط في نطاق 65-70 دولارًا للبرميل في المستقبل القريب. متأثرًا بالعوامل الجوية في فصل الشتاء ومستويات إنتاج النفط الصخري وتوجهات الطلب في الصين.
توقعات السوق لأسعار النفط: نظرة محايدة إلى صعودية
بينما تساهم العوامل الجيوسياسية وضغوط العرض في استقرار أسعار النفط، يترقب السوق إعلان أوبك+ بشأن تمديد تخفيضات الإنتاج. ومن المتوقع أن تشير الحركة فوق مستوى 69.14 دولارًا إلى بداية زخم صعودي. ولكن مع محدودية نشاط التداول خلال أسبوع العطلة، يتوقع المحللون أن تكون التحركات ضئيلة حتى الحصول على إشارات أوضح من أوبك+. يبقى المتداولون في حالة ترقب لنتائج اجتماع أوبك+ في 1 ديسمبر. حيث سيكون لهذا الاجتماع تأثير كبير في تحديد مسار أسعار النفط الخام خلال الربع الأول من عام 2025.