الدولار الأمريكي يواصل الصعود وسط توقعات بتخفيض الفائدة

الدولار الأمريكي

استقر الدولار الأمريكي بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، وسط توقعات بأن يتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قرارًا بتخفيض أسعار الفائدة هذا الأسبوع. ومع ذلك، يُتوقع أن يشير البنك المركزي إلى تبني نهج تدريجي في سياسة التيسير النقدي خلال عام 2025. تجاوزت عملة البيتكوين حاجز 106 آلاف دولار لأول مرة، وهو ما يعكس تفاؤلًا بشأن احتمالية تشكيل احتياطي استراتيجي للعملة المشفرة من قبل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، مما دعم قوة الدولار.

وفقًا لخدمة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة “سي.إم.إي”، يثق المتعاملون في أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء المقبل. ومع ذلك، يُتوقع أن يمتنع المسؤولون عن اتخاذ مزيد من الخفض في يناير 2025، نظرًا لاستمرار معدلات التضخم فوق الهدف السنوي للبنك المركزي البالغ 2%. في هذا السياق، أشار صناع السياسات إلى أن الزيادات الأخيرة في الأسعار تمثل جزءًا من المسار الصعب نحو تخفيف الضغوط التضخمية. ورغم هذه التوقعات، حذر المحللون من أن الضغوط التضخمية قد تتجدد بعد تولي ترامب منصبه في يناير المقبل.

استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني والين، عند 106.80 نقطة بحلول الساعة 06:05 بتوقيت غرينتش، بعد أن وصل إلى 107.18 نقطة في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 26 نوفمبر. في الوقت ذاته، ارتفع الدولار بنسبة 0.1% مقابل الين الياباني، مسجلًا 153.87 ينًا، بعد أن لامس في وقت سابق مستوى 153.91 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر. لى الرغم من التحديات التضخمية، تظل العملة الأميركية في موقف قوي. مما يعكس استقرار الأسواق وتحركات هامة تنتظرها في المستقبل القريب.

تأثير ارتفاع الدولار الأمريكي على أسواق العملات

يعد ارتفاع الدولار الأمريكي من العوامل المؤثرة بشكل كبير على أسواق العملات العالمية. عندما يرتفع الدولار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات متعددة على العملات الأخرى والأسواق المالية بشكل عام. أحد الآثار الرئيسية هو تأثيره السلبي على العملات الأخرى. حيث يُعتبر الدولار من العملات الأساسية التي تتم بها المعاملات التجارية العالمية. في حال ارتفاع الدولار، يميل المستثمرون إلى تحويل استثماراتهم إلى الأصول المقومة بالدولار، مما يؤدي إلى ضعف العملات الأخرى. العديد من العملات الرئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني تميل إلى الانخفاض في قيمتها مقابل الدولار عندما يشهد الأخير صعودًا، وهو ما يضع ضغطًا على اقتصادات الدول التي تستخدم هذه العملات. على سبيل المثال، إذا ارتفع الدولار، قد يجد المستوردون في الدول الأوروبية والآسيوية أنفسهم أمام تكاليف أعلى للسلع المستوردة من الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى زيادة التضخم في تلك الدول.

من جانب آخر، يؤثر ارتفاع الدولار أيضًا على أسعار السلع الأساسية المقومة بالدولار مثل النفط والذهب. عادةً ما يؤدي صعود الدولار إلى انخفاض أسعار هذه السلع، حيث يصبح الشراء بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الأجانب. لذلك، يمكن أن يواجه قطاع السلع تحديات عندما يرفع الدولار من قيمته. علاوة على ذلك، يؤثر ارتفاع الدولار على الأسواق الناشئة التي تعتمد بشكل كبير على العملات الأجنبية في تمويل ديونها. عندما يرتفع الدولار، تزداد تكلفة سداد هذه الديون بالنسبة للدول النامية، مما قد يخلق ضغوطًا اقتصادية إضافية. تتأثر أيضًا الأسواق المالية لهذه الدول حيث يميل المستثمرون إلى سحب استثماراتهم بسبب المخاوف من ارتفاع تكلفة الديون.

بالمجمل، يُعد ارتفاع الدولار عاملًا رئيسيًا في تحديد الاتجاهات الاقتصادية العالمية ويؤثر بشكل مباشر على حركة العملات والأسواق العالمية.

العوامل التي تدعم صعود الدولار أمام العملات

صعود الدولار أمام العملات الأخرى يعتمد على مجموعة من العوامل الاقتصادية والمالية التي تؤثر في القوة الشرائية للعملة الأمريكية. أحد العوامل الرئيسية التي تدعم صعود الدولار هو السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. عندما يتبنى الفيدرالي الأمريكي سياسة رفع أسعار الفائدة أو يشدد من موقفه النقدي، يعزز ذلك من جاذبية الدولار للمستثمرين. حيث توفر العوائد المرتفعة على السندات الأمريكية فرصة استثمارية جذابة مقارنة مع العملات الأخرى. علاوة على ذلك، يعتبر الدولار ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات الاقتصادية أو السياسية. عندما تكون الأسواق العالمية متوترة بسبب الأزمات المالية أو الحروب التجارية أو التقلبات السياسية، يميل المستثمرون إلى تحويل أموالهم إلى الدولار باعتباره من أكثر الأصول أمانًا، مما يعزز من قوة الدولار. تزايد الطلب على الدولار في مثل هذه الفترات يعكس الثقة في الاستقرار الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة.

كما أن البيانات الاقتصادية الأمريكية تلعب دورًا حاسمًا في دعم صعود الدولار. التقارير القوية عن نمو الاقتصاد الأمريكي، مثل بيانات الناتج المحلي الإجمالي، والتوظيف، والتضخم، تعكس قوة الاقتصاد الأمريكي مقارنة مع الاقتصادات الأخرى. مما يدفع المستثمرين إلى شراء الدولار. هذه البيانات تعتبر مؤشرات على الصحة الاقتصادية للولايات المتحدة وتزيد من التوقعات بأن الفيدرالي قد يواصل رفع أسعار الفائدة. مما يرفع من جاذبية الدولار. أيضًا، ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يعزز من صعود الدولار. في حال ارتفاع العوائد على السندات الأمريكية. يعتبر الدولار أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب، الذين يسعون للحصول على عوائد أعلى من تلك التي توفرها السندات في اقتصادات أخرى. عندما تكون عوائد السندات الأمريكية مرتفعة مقارنة بالاقتصادات الأخرى، يميل المستثمرون إلى شراء الدولار من أجل الاستثمار في السندات الأمريكية. في النهاية، تساهم هذه العوامل مجتمعة في تعزيز قوة الدولار أمام العملات الأخرى. التوقعات المستقبلية للاقتصاد الأمريكي، سياسة الفيدرالي، والتقارير الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد اتجاهات الدولار في الأسواق العالمية.