سجل الدولار الأمريكي اليوم ارتفاعًا كبيرًا ليصل إلى أعلى مستوى له في 13 شهرًا، حيث لامس مؤشر الدولار 107.18، محققًا زيادة بنسبة 0.08%. جاء هذا الارتفاع في وقت لا توجد فيه بيانات اقتصادية رئيسية تؤثر بشكل كبير على حركة العملة. بينما تترقب الأسواق بيانات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي لشهر أكتوبر، والتي من المقرر أن تصدر في اليوم نفسه، أصبحت التوقعات بشأن مسار أسعار الفائدة الأمريكية متقلبة. حيث انخفضت فرصة خفض الفائدة في ديسمبر إلى 57.8% بعد أن كانت 72.2% في الأسبوع الماضي. هذا التغيير في التوقعات يعكس التقلبات في السياسة النقدية وأثرها على الدولار.
من جهة أخرى، شهدت عملة البيتكوين قفزة ملحوظة حيث تجاوزت حاجز 99,000 دولار للمرة الأولى في تاريخها، قبل أن تتراجع قليلاً لتصل إلى حوالي 99,028 دولارًا. الارتفاع الحاد في البيتكوين يعكس التفاؤل بشأن التوقعات المتعلقة بسياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. الذي يعتقد المستثمرون أنه قد يتبنى بيئة تنظيمية أقل صرامة للعملات المشفرة، مما يعزز الطلب على العملة الرقمية.
على صعيد آخر، ارتفع الدولار بحوالي 3% هذا الشهر وسط تكهنات بأن السياسات الاقتصادية المتوقعة من إدارة ترامب قد تؤدي إلى زيادة التضخم. مما قد يقيد قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، وبالتالي يضع ضغوطًا على العملات الأخرى مثل اليورو. كما أفادت تقارير صحفية بأن ترامب يفكر في تعيين كيفن وارش وزيرًا للخزانة. وهو ما قد يكون له تأثير كبير على مستقبل السياسة النقدية الأمريكية وتوجهات الاحتياطي الفيدرالي في السنوات القادمة. إن الارتفاع الأخير للدولار يعكس تزايد المخاوف بشأن التضخم وضعف بعض العملات الرئيسية الأخرى. ويؤكد على الدور الحاسم الذي يلعبه الاحتياطي الفيدرالي في تحديد اتجاه الأسواق المالية.
العلاقة بين سياسات ترامب وارتفاع الـدولار
تعتبر العلاقة بين سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي موضوعًا ذا اهتمام خاص في الأسواق المالية. منذ فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، تأثرت الأسواق بتوقعات متقلبة بشأن توجهاته الاقتصادية، وهو ما انعكس على قوة العملة الأمريكية. كانت سياسات ترامب الاقتصادية، التي ركزت على تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي، تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة التضخم. تلك التوقعات بنمو اقتصادي قوي دفعت العديد من المستثمرين إلى زيادة طلبهم على الدولار، الأمر الذي ساعد على رفع قيمته مقابل العملات الأخرى.
من جهة أخرى، تزامن مع هذه السياسات ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، وهو ما قد يجعل البنك المركزي الأمريكي، مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في موقف صعب عندما يتعلق الأمر بتحديد أسعار الفائدة. في ظل هذه البيئة الاقتصادية، تصبح العملة الأمريكية أكثر جاذبية للمستثمرين، لأنهم يتوقعون أن تظل العوائد على الأصول الأمريكية مرتفعة مقارنة بالأصول الأجنبية. علاوة على ذلك، فإن سياسة ترامب في دعم قطاع الأعمال. وخاصة من خلال تسهيل التشريعات الخاصة بالشركات وخفض الضرائب، قد خلقت جوًا من التفاؤل في الأسواق المالية. مما دفع إلى زيادة تدفقات رأس المال إلى الولايات المتحدة. مع زيادة الطلب على الأصول الأمريكية، ارتفع الدولار بشكل ملحوظ.
ومع أن بعض الخبراء قد حذروا من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم العجز التجاري وزيادة الدين العام، إلا أن السوق كانت تركز بشكل رئيسي على التوقعات بنمو اقتصادي قوي مما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار. هذا النمو في القيمة جاء في وقت كانت فيه أسواق العملات تعاني من تقلبات. ويظهر الدولار كملاذ آمن للمستثمرين في أوقات عدم اليقين. تستمر العلاقة بين سياسات ترامب والدولار في التأثير على الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير. حيث أن أي تغيرات في السياسات الاقتصادية أو التحولات في توجهات الرئيس الأمريكي قد تؤدي إلى تأثيرات جديدة على قيمة العملة الأمريكية.
العوامل المؤثره على سعر الدولار الأمريكي
تتأثر قيمة الدولار الأمريكي بعدد من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تؤثر في الأسواق العالمية. من أبرز هذه العوامل السياسات النقدية التي يتبناها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. حيث تعد قراراته بشأن أسعار الفائدة من المحركات الأساسية لقيمة الدولار. عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، يجذب الدولار مزيدًا من الاستثمارات الأجنبية بسبب العوائد المرتفعة على الأصول المقومة بالدولار، مما يعزز قيمته. وعلى العكس. عندما يقرر الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة أو الحفاظ على معدلات منخفضة، قد يؤدي ذلك إلى تراجع في قيمة الدولار، حيث تصبح العوائد أقل جاذبية للمستثمرين.
من جهة أخرى، تلعب المؤشرات الاقتصادية الأمريكية دورًا كبيرًا في تحديد اتجاه الدولار. بيانات مثل الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل البطالة، ومؤشر أسعار المستهلكين، جميعها تُستخدم لتقييم صحة الاقتصاد الأمريكي. عندما تُظهر هذه المؤشرات تحسنًا في الاقتصاد، يعزز ذلك من ثقة المستثمرين في الدولار، مما يرفع من قيمته. وعلى النقيض، فإن أي إشارات تدل على تراجع النمو الاقتصادي أو زيادة البطالة قد تؤدي إلى ضعف الدولار.
العوامل السياسية أيضًا لها تأثير بالغ على قيمة الدولار. على سبيل المثال، التوترات التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى، مثل النزاع التجاري مع الصين. يمكن أن تؤثر سلبًا على الدولار. التوترات الجيوسياسية أو أي حالة من عدم اليقين السياسي قد تجعل المستثمرين يتجهون إلى العملات الآمنة مثل الين الياباني أو الذهب. مما يؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار. بالإضافة إلى ذلك، يعد الدين العام الأمريكي من العوامل الهامة التي قد تؤثر في سعر الدولار. عندما يرتفع مستوى الديون بشكل كبير، قد يشكك المستثمرون في قدرة الحكومة الأمريكية على الوفاء بالتزاماتها المالية. مما قد يؤدي إلى تراجع في الطلب على الدولار. من جهة أخرى، إذا كانت الحكومة الأمريكية قادرة على التحكم في مستويات الدين بشكل جيد وتظهر عزمًا على تقليل العجز. فإن ذلك يمكن أن يعزز ثقة الأسواق في الدولار.