في نهاية اجتماعها الذي استمر يومين، قررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. هذا القرار جاء متماشياً مع توقعات الأسواق على نطاق واسع. بعد هذا الخفض، استقر معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية عند مستوى 4.50%. كانت هذه الخطوة جزءاً من محاولات الفيدرالي لتحقيق التوازن بين تعزيز النمو الاقتصادي وضبط التضخم.
الأوضاع الاقتصادية وفقًا لبيان الاحتياطي الفيدرالي
أصدرت اللجنة الفيدرالية بيان السياسة النقدية بعد انتهاء الاجتماع. من خلال هذا البيان، تم تسليط الضوء على عدة نقاط رئيسية تعكس الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة.
أولاً، أشارت اللجنة إلى أن النشاط الاقتصادي استمر في النمو بوتيرة ثابتة. رغم التحديات الاقتصادية، لم يتوقف النمو، مما يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي في مواجهة المخاطر العالمية. في الوقت نفسه، تحسنت ظروف سوق العمل بشكل عام، حيث تم تسجيل تحسن ملحوظ في البطالة التي لا تزال عند مستويات منخفضة، مما يعكس استقرار سوق العمل. ومع ذلك، ما زال التضخم يعد مشكلة كبيرة، إذ رغم تحقيق بعض التقدم نحو الهدف البالغ 2%، إلا أنه لا يزال مرتفعًا نسبياً.
أهداف الفيدرالي الأمريكي المستقبلية
من خلال قراراته، يهدف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تحقيق أقصى قدر من التشغيل وتحقيق التضخم عند مستوى 2% في المدى البعيد. هذه الأهداف هي الأساس الذي تستند إليه معظم السياسات النقدية في الولايات المتحدة. بالنسبة للفيدرالي، يظل تحقيق التوازن بين هذين الهدفين أمرًا بالغ الأهمية. وفي تقييمات اللجنة، تم التأكيد على أن المخاطر التي تهدد تحقيق أهداف التشغيل والتضخم “متوازنة تقريبًا”. ومع ذلك، لا يزال هناك غموض في التوقعات الاقتصادية، مما يفرض على الفيدرالي ضرورة أن يظل يقظًا بشأن المخاطر التي تهدد أهدافه المزدوجة.
التركيز على البيانات المستقبلية
أحد النقاط البارزة في البيان كانت التأكيد على أهمية البيانات القادمة. ستتخذ اللجنة قراراتها بناءً على تقييم البيانات الاقتصادية المستقبلية. سيعتمد الفيدرالي على معلومات دقيقة بشأن الظروف الاقتصادية والتوقعات المستقبلية لتحديد إذا كان من الضروري إجراء تعديلات إضافية على سعر الفائدة في المستقبل. يولي الفيدرالي اهتمامًا كبيرًا لتقييم جميع البيانات المتعلقة بتطورات الاقتصاد الأمريكي والتغيرات المحتملة في الأسواق.
كما لفت البيان إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيواصل تقييم وتعديل موقف السياسة النقدية بناءً على تطورات المعلومات. إن التزام الفيدرالي بدعم الاقتصاد يعكس إيمانه بأهمية الاستمرار في تعديل سياسته النقدية لضمان أقصى قدر من الاستقرار الاقتصادي.
السياسات المستقبلية ومراقبة الاقتصاد
وبالنظر إلى هذه الخطوات، شدد البيان على أن الفيدرالي سيواصل مراقبة آثار المعلومات الواردة على التوقعات الاقتصادية. في حال ظهور مخاطر قد تعرقل تحقيق أهداف اللجنة، سيكون الفيدرالي مستعدًا لتعديل موقف السياسة النقدية بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية المستجدة. سيشمل ذلك مجموعة واسعة من التقييمات بما في ذلك تحليل ظروف سوق العمل، وضغوط التضخم، وتوقعات التضخم المستقبلية. بالإضافة إلى التغيرات المالية والدولية التي قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي.
دور الاحتياطي الفيدرالي في استقرار السوق المالي
يلعب الاحتياطي الفيدرالي دورًا مهمًا في استقرار الأسواق المالية الأمريكية والعالمية. يتابع الفيدرالي عن كثب الظروف المالية المحلية والدولية ليضمن استمرار استقرار الأسعار. لكن قد يواجه الفيدرالي تحديات في تحقيق هذا التوازن بين دعم الاقتصاد وضبط التضخم. أي تغيير غير متوقع في الاقتصاد قد يدفع الفيدرالي لإعادة النظر في سياساته بشكل عاجل.
التوقعات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الفيدرالي
من المهم ملاحظة أن السياسة النقدية التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي ليست معزولة عن باقي العالم. بل إنها مرتبطة بشكل وثيق بالتطورات العالمية. في هذا السياق، يؤكد البيان على أن الفيدرالي يراقب عن كثب التطورات الاقتصادية الدولية التي قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي. مع تغير الأوضاع الاقتصادية في دول مثل الصين وأوروبا، ستكون التأثيرات على الاقتصاد الأمريكي ملحوظة. من المتوقع أن يستمر الفيدرالي في تعديل سياسته بما يتماشى مع هذه التغيرات.
خفض حيازات الاحتياطي الفيدرالي من السندات
خلال السنوات الأخيرة، كان الفيدرالي الأمريكي يعتمد على سياسة شراء الأصول بشكل كبير، لا سيما سندات الخزانة الأمريكية وديون الوكالات، وكذلك الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، كجزء من سياسته النقدية التوسعية. كان الهدف من هذه السياسات هو تحفيز الاقتصاد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مثل فترة الركود التي تلت الأزمة المالية العالمية في 2008 وكذلك الأزمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا.
إلا أن سياسة شراء الأصول هذه لم تدم إلى الأبد، حيث بدأ الفيدرالي في السنوات الأخيرة بالتركيز على تقليص حجم موازنته، أو ما يُعرف بسياسة “التقليص الكمي في خطوة نحو إعادة التوازن للأسواق المالية، بدأ الفيدرالي في خفض حيازاته من السندات بشكل تدريجي.
أسباب خفض حيازات الاحتياطي الفيدرالي من السندات
1: مكافحة التضخم: أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الفيدرالي لخفض حيازاته من السندات هو السعي للحد من التضخم. شراء الأصول على نطاق واسع في الماضي أدى إلى زيادة حجم السيولة في الأسواق، مما ساعد في زيادة الطلب ورفع الأسعار. ومع ارتفاع معدلات التضخم في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري للفيدرالي سحب السيولة الزائدة من الأسواق.
2: عودة إلى السياسة النقدية التقليدية: بعد فترة طويلة من سياسة التيسير الكمي، أصبح الفيدرالي يسعى إلى العودة إلى أساليب السياسة النقدية التقليدية. خفض حيازات السندات يساعد على تقليل اعتماد الاقتصاد على هذه السياسات الاستثنائية، ويسهم في العودة إلى نظام أكثر استقرارًا.
3:تعزيز قوة الدولار: من خلال تقليص ميزانية الفيدرالي، يقل الفائض النقدي في الأسواق، مما قد يؤدي إلى تعزيز قيمة الدولار الأمريكي. هذا يساعد في الحفاظ على استقرار العملة الأمريكية مقابل العملات الأخرى.
4:تحقيق التوازن في سوق السندات: عندما يقوم الفيدرالي بشراء كميات ضخمة من السندات، تصبح سوق السندات موجهة بشكل رئيسي من قبل الفيدرالي. خفض هذه الحيازات يسمح للسوق بالعودة إلى حالة من التوازن الطبيعي، حيث تحدد الأسواق الحرة أسعار الفائدة بشكل أكثر دقة.
التحديات المستقبلية
ومع استمرار التحديات الاقتصادية العالمية، يتوقع العديد من المحللين أن تواجه الولايات المتحدة بعض الصعوبات في المدى القريب. هناك شكوك حول مدى استقرار التضخم وكيفية تعافيه بشكل مستدام نحو الهدف المحدد. يعتقد الخبراء أن الفيدرالي قد يضطر إلى تعديل أسعار الفائدة أكثر في المستقبل إذا استمرت الضغوط التضخمية في الزيادة.
في الوقت نفسه، يتوقع بعض المحللين أن يظل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة مستقراً في المدى القريب، لكن ليس من دون التحديات. وإذا استمرت الأسواق في التحسن، قد يواجه الفيدرالي حاجة لتغيير استراتيجياته بشكل دوري. ذا فإن قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة والتحولات الاقتصادية المتوقعة ستستمر في التأثير على الاقتصاد العالمي. مع تحسن بعض الجوانب الاقتصادية في الولايات المتحدة، يبقى الفيدرالي يقظًا تجاه التحديات القادمة. يتطلب الأمر مراقبة مستمرة للبيانات الاقتصادية وتعديل السياسات تبعًا للتغيرات المستمرة في السوق.