تأثير البيانات الاقتصادية على الدولار مقابل العملات الأخرى

الدولار

شهد زوج يورو/دولار تراجعًا طفيفًا مع انتعاش الدولار الأمريكي، وذلك في أعقاب صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي القوي للربع الثاني. حيث تراجع الزوج من أعلى مستوياته بالقرب من 1.0860 خلال الجلسة الأمريكية يوم الخميس، بعد أن أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 2.8%، متجاوزًا التوقعات البالغة 2.0% والنمو السابق الذي بلغ 1.4%.

عززت هذه البيانات من قيمة مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي ارتفع إلى مستوى أسبوعي مرتفع عند 104.50، مما يعكس قوة الدولار في مواجهة العملات الرئيسية الأخرى. رغم قوة النمو، فقد تراجعت المخاوف بشأن ضغوط الأسعار مع انخفاض مؤشر أسعار الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس رئيسي لقياس التغيرات في أسعار السلع والخدمات المنتجة، إلى 2.3%، مقارنةً بالتوقعات التي كانت 2.6% والقراءة السابقة التي بلغت 3.1%. وهذا قد يدعم التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

من جهة أخرى، شهدت طلبيات السلع المعمرة لشهر يونيو تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفضت الطلبيات الجديدة بنسبة 6.6%، على عكس التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 0.3% مقارنةً بقراءة مايو التي بلغت 0.1%.

الترقب الآن يتجه نحو بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر يونيو، المقرر نشرها يوم الجمعة، حيث سيعكس التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يُعتبر المقياس المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي، مدى توافق التوقعات مع سياسة خفض أسعار الفائدة المرتقبة في سبتمبر. وتشير التوقعات إلى أن التضخم الأساسي قد يتباطأ إلى 2.5% مقارنةً بقراءة مايو البالغة 2.6%، مع نمو شهري ثابت بنسبة 0.1%. إن تباطؤ الضغوط التضخمية بما يتماشى مع التوقعات أو بوتيرة أسرع قد يضغط على الدولار الأمريكي، مما يعزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة. بالمقابل، فإن ارتفاع التضخم الثابت أو الأعلى من المتوقع قد يدفع المتداولين إلى تقليص رهانات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.

تراجع مكاسب زوج يورو/دولار وسط غموض توقعات اليورو

شهد زوج يورو/دولار تراجعًا في مكاسبه بعد أن سجل ارتفاعًا قرب مستوى 1.0850 خلال الجلسة الأوروبية يوم الخميس. يأتي هذا التراجع في ظل استمرار الغموض حول مستقبل اليورو بسبب التوقعات القوية بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي (ECB) وتزايد المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية في ألمانيا.

تشير التوقعات إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يقوم بخفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام، نظرًا لاستمرار الضغوط التضخمية على مستوى الأسعار طوال العام، مع العودة إلى الهدف المحدد للبنك في عام 2025. بعض المسؤولين في البنك المركزي الأوروبي يعتبرون أن توقعات السوق الحالية بشأن خفض أسعار الفائدة تعد ملائمة.

في الوقت نفسه، أدى الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، خاصة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، إلى تعزيز التوقعات بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة هذا العام لتحفيز النمو الاقتصادي. سجل مؤشر مديري المشتريات المركب الألماني (PMI) انخفاضًا غير متوقع في يوليو، حيث أفاد بنك هامبورغ التجاري (HCOB) بأن المؤشر انخفض فجأة إلى 48.7، وهي أدنى قراءة منذ أربعة أشهر. على الرغم من أن الاقتصاد الألماني تجاوز الركود العام الماضي، إلا أنه شهد انكماشًا بنسبة 0.3%.

كما أسهم ضعف النشاط الاقتصادي في ألمانيا في تدهور مؤشر معنويات الأعمال، حيث انخفض مؤشر IFO الألماني لمناخ الأعمال بشكل غير متوقع إلى 87 في يوليو، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه إلى 88.9. وفي نفس الفترة، تراجع مؤشر التوقعات بشكل مفاجئ إلى 86.9 من التقديرات البالغة 89.0.

استجابةً لهذه التحديات، وعدت الحكومة الألمانية بتقديم إعفاءات ضريبية للشركات والأسر لتعزيز الاستهلاك. أعلن وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر عن خطط لتقليص العبء الضريبي بمقدار 30 مليار يورو في عامي 2025 و2026، في محاولة لدعم الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق والاستثمار.

 انخفاض الدولار/الين الياباني: تأثير الفروقات العائدة والتقلبات

انخفض زوج الدولار/الين الياباني  إلى أدنى مستوى له منذ أوائل مايو، نتيجة لتقلص فروق عوائد السندات الأمريكية اليابانية لأجل عامين، إلى جانب الارتفاع الحاد في تقلبات الأسواق المالية.

الاحتمالات لتشديد سياسة بنك اليابان (BOJ) بشكل أكثر عدوانية، مقارنة بتوقعات تيسير السياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، أدت إلى انخفاض فروق العوائد بين السندات الأمريكية واليابانية إلى أدنى مستوياتها منذ مايو 2023. في الوقت نفسه، ساهم ارتفاع تقلبات سوق العملات في زيادة تكلفة بيع الين الياباني على المكشوف، مما أدى إلى تفكيك سريع لعمليات التداول بالين. كما سجلت تقلبات الين الياباني الضمنية لأجل شهر وأسبوع أعلى مستوى لها منذ أكثر من شهرين.

علاوة على ذلك، دفعت عمليات البيع في سوق الأسهم العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا، مؤشر VIX إلى أعلى مستوى له خلال ثلاثة أشهر، مما دعم عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري.

نتوقع أن يبقى زوج الدولار/الين الياباني فوق متوسطه المتحرك لمدة 200 يوم، حيث من غير المرجح أن يقوم بنك اليابان بتشديد السياسة النقدية أكثر مما هو متوقع حالياً. التضخم الأساسي في اليابان يتجه نحو الانخفاض، وتؤكد الأرباح النقدية الحقيقية السلبية أن الإنفاق الاستهلاكي سيبقى ضعيفًا.

منذ الأربعاء الماضي، ارتفع الدولار الأمريكي بثبات مقابل العملات الرئيسية، رغم عدم وضوح الأسباب خلف هذا التحرك. من حيث السياسة النقدية، لم يتغير شيء حيث لا يزال السوق يتوقع تخفيضين على الأقل لأسعار الفائدة بحلول نهاية العام، مع احتمالية لتخفيض متتالي في نوفمبر.

تستمر البيانات في الإشارة إلى أن الاقتصاد الأمريكي ما زال مرنًا، مع تراجع التضخم تدريجيًا نحو الهدف، مما يدعم سيناريو الهبوط الناعم ويعزز المعنويات تجاه المخاطرة.

وفي الوقت نفسه، حقق الين الياباني مكاسب ملحوظة مقابل جميع العملات الرئيسية. ساهم التدخل واختراق خط الاتجاه الرئيسي في الدولار/الين الياباني في تعزيز قيمة الين، ولكن الدعم الأساسي لا يزال محدودًا. قد يمثل ذلك فرصة لبيع الين الياباني في حال حدوث رفع محتمل لأسعار الفائدة من بنك اليابان.