أظهرت أسعار النفط نشاطًا إيجابيًا أمس الأربعاء بعد انخفاض استمر لثلاث جلسات متتالية، وذلك نتيجة لتراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة وزيادة مخاطر تأثير حرائق الغابات في كندا على إمدادات النفط، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وارتفعت عقود النفط الخام برنت لتسليم شهر سبتمبر بمقدار 40 سنتًا أو ما يعادل 0.5% إلى 81.41 دولار للبرميل. وزاد سعر النفط الخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لتسليم سبتمبر بمقدار 40 سنتًا أيضًا، أو 0.5%، ليصل إلى 77.36 دولار للبرميل. كان النفط الخام غرب تكساس الوسيط قد خسر نحو 7% خلال الثلاث جلسات السابقة، بينما خسرت أسعار النفط برنت حوالي 5%.
شهدت الولايات المتحدة انخفاضًا في مخزونات النفط الخام والبنزين ومنتجات التقطير للأسبوع الرابع على التوالي، وفقًا لتقارير من معهد البترول الأميركي نقلاً عن مصادر سوقية، مما يعكس الطلب القوي في أكبر سوق للنفط في العالم. وأفادت المصادر بأن أرقام معهد البترول الأميركي أظهرت تراجعًا في مخزونات الخام بحوالي 3.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 19 يوليو، وهو رقم يفوق التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنحو 0.7 مليون برميل. وتشير بيانات المعهد التي تعتبر مؤشرًا مبدئيًا عادة لتقارير المخزونات الرسمية، إلى استمرار تقلص المخزونات للأسبوع الرابع، مع توقعات بزيادة الطلب على النفط خلال موسم الصيف الذي يشهد نشاطًا كبيرًا في قطاع السفر.
شهدت مخزونات البنزين انخفاضًا بمقدار 2.8 مليون برميل، ونواتج التقطير انخفضت بمقدار 1.5 مليون برميل، مما يشير إلى استمرار القوة في الطلب في أكبر سوق للوقود في العالم. من المتوقع أيضًا أن يؤدي هذا التطور إلى الحفاظ على توترات في أسواق النفط في المدى القريب. وفي سياق آخر، شهدت أسعار النفط انخفاضًا إلى أدنى مستوى لها خلال ستة أسابيع يوم الثلاثاء، حيث أغلقت أسعار خام برنت عند أدنى مستوى لها منذ التاسع من يونيو. وعانت الأسعار أيضًا بسبب المخاوف المستمرة من تأثير تباطؤ الاقتصاد في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، على الطلب العالمي على النفط.
العقود الآجلة للديزل الأميركي
استقرت العقود الآجلة للديزل الأميركي أيضًا عند أدنى مستوياتها منذ السابع من يونيو، بينما أغلقت العقود الآجلة للبنزين عند أدنى مستوياتها منذ 14 يونيو. وقدمت الحرب في غزة الدعم لعقود النفط الآجلة حيث قام المستثمرون بتسعير مخاطر الاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط الخام العالمية في مناطق الإنتاج الرئيسية في الشرق الأوسط. ومما يؤثر أيضًا على الأسعار أن الدولار الأميركي تعزز إلى أعلى مستوى في تسعة أيام مقابل سلة من العملات الأخرى. وإن قوة الدولار تجعل النفط أكثر تكلفة في بلدان أخرى، الأمر الذي يمكن أن يقلل الطلب على الوقود.
ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بقوة في عامي 2022 و2023 لكبح ارتفاع التضخم. ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات، مما قد يقلل النمو الاقتصادي والطلب على النفط. وفاجأت الصين الأسواق بخفض أسعار الفائدة الرئيسية القصيرة والطويلة الأجل يوم الاثنين، في أول خطوة واسعة النطاق لها منذ أغسطس الماضي، مما يشير إلى عزمها تعزيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
توقع المحللون أن تقوم شركات الطاقة الأمريكية بسحب حوالي 1.6 مليون برميل من النفط الخام من المخزون خلال الأسبوع المنتهي في 19 يوليو. إذا تحقق هذا التوقع، ستكون هذه المرة الأولى التي ينخفض فيها مخزون النفط الأمريكي لمدة أربعة أسابيع متتالية منذ سبتمبر 2023. يتم مقارنة هذا الانخفاض بانخفاض بمقدار 600 ألف برميل في نفس الأسبوع من العام الماضي، وبمتوسط انخفاض بمقدار 1.8 مليون برميل على مدى السنوات الخمس السابقة (2019-2023)
وأشار محللو النفط في إنفستنق دوت كوم إلى أن أسعار النفط ترتفع نتيجة تقلص مخزونات النفط الأمريكية بشكل غير متوقع. وأوضحوا أن أسعار النفط قد ارتفعت في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء، مستعيدة بعضاً من الخسائر الأخيرة، وذلك نتيجة لتعزيز التوقعات بتضيق الأسواق في المدى القريب، وذلك بناءً على بيانات الصناعة التي أظهرت انخفاضًا في مخزونات النفط الأمريكية.
توقعات زيادة إنتاج النفط العالمي
من المتوقع أن تؤدي زيادة إنتاج النفط العالمي، إلى جانب احتمال تراجع الطلب في الصين، أكبر مستورد، إلى الحفاظ على إمدادات كافية من أسواق النفط في الأشهر المقبلة. وكانت الصين نقطة الألم الرئيسية لأسواق النفط الخام، وسط تزايد عدم اليقين بشأن الانتعاش الاقتصادي في البلاد. وأظهرت بيانات حديثة أن اقتصاد البلاد نما بأقل من المتوقع في الربع الثاني، بينما انخفضت وارداتها النفطية بشكل حاد في يونيو.
من جهتها، تدرس الحكومة الروسية فرض حظر على صادرات الديزل بسبب ارتفاع الأسعار المحلية، وتعد روسيا أكبر مصدر للديزل بحرا في العالم قبل الولايات المتحدة. ويعد الديزل أهم صادراتها من المنتجات النفطية، حيث تبلغ حوالي 35 مليون طن متري سنويًا، ويتم شحن ثلاثة أرباعها تقريبًا عبر خطوط الأنابيب. وعلقت روسيا صادراتها من الديزل في الخريف الماضي لنحو أسبوعين لكنها استأنفت الإمدادات من الخارج عبر خطوط الأنابيب. وتقيد روسيا صادرات البنزين ومن المقرر أن تستأنف الحظر على صادرات البنزين اعتبارا من الأول من أغسطس. وقال أحد المصادر إن صادرات الديزل قد يتم حظرها إذا ارتفعت الأسعار بشكل حاد، لكن لم يتم اتخاذ قرار بعد.
وفي الهند، قال مصدر مطلع يوم الأربعاء إن شركة ريلاينس إندستريز الهندية حصلت على موافقة من الولايات المتحدة لاستئناف استيراد النفط من فنزويلا على الرغم من عقوبات واشنطن. وأعادت الولايات المتحدة في أبريل فرض عقوبات على قطاع النفط الفنزويلي ردا على فشل الرئيس نيكولاس مادورو في الوفاء بالتزاماته الانتخابية، لكنها قالت إنه سيتم السماح لبعض الشركات بالتجارة والعمل في فنزويلا. قبل فرض العقوبات النفطية الأمريكية على فنزويلا لأول مرة في عام 2019، كانت شركة ريليانس ثاني أكبر مشترٍ للنفط الفنزويلي بعد شركة سي.إن.بي.سي الصينية. وفي مايو، قدمت ريليانس طلبًا إلى الولايات المتحدة للحصول على تصريح لاستيراد النفط الخام من فنزويلا، بعد رفض وزارة الخزانة الأمريكية منح تراخيص لمصافي التكرير الهندية، بما في ذلك ريليانس، بعد تخفيف العقوبات في أكتوبر.