تراجع أسعار النفط مع ترقب تقرير أوبك وزيادة ضغوط الدولار

أسعار النفط

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات يوم الثلاثاء، حيث شهدت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضًا بنسبة 0.29% لتسجل 71.62 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت عقود الخام الأمريكي بنحو 0.38% إلى 67.78 دولارًا للبرميل. يأتي هذا التراجع في وقت حساس للأسواق، حيث يترقب المستثمرون تقرير منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) الشهري الذي من المتوقع أن يوضح التوقعات المستقبلية للطلب والعرض في السوق العالمية.

في الأيام السابقة، أدت المخاوف المتعلقة بفائض المعروض من النفط إلى الضغط على الأسعار. لا سيما بعد أن أعلنت الصين عن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) بهدف تخفيف الضغط على الحكومات المحلية، إلا أن العديد من المحللين اعتبروا أن هذه الحزمة أقل من التوقعات المطلوبة لتحفيز النمو الاقتصادي بشكل كافٍ.

إلى جانب هذه العوامل، يعاني النفط من ضغوط إضافية ناتجة عن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، الذي يجعل السلع المقومة بالدولار، مثل النفط، أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. هذا الارتفاع في قيمة الدولار يعزز الضغط الهبوطي على أسعار النفط، حيث يقلل من قدرة المستوردين الأجانب على شراء النفط بنفس الكميات مقارنة بالأسعار السابقة.

من المتوقع أن يصدر تقرير أوبك الشهري في وقت لاحق من اليوم، ويعكف المستثمرون والمحللون على ترقب محتوى هذا التقرير بشكل خاص، حيث تشير التوقعات إلى أن المنظمة قد تقوم بتخفيض تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025. في حال تحقق هذا التوقع، فإنه قد يزيد من الضغط على الأسعار ويعزز الاتجاه التراجعي في أسواق النفط. يُذكر أن الأسواق تراقب أيضًا بيانات التضخم الأمريكية هذا الأسبوع، إلى جانب التصريحات المرتقبة لمسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي). حيث ستتأثر أسعار النفط بتطورات سياسة الفائدة في الولايات المتحدة.

العوامل التي ساهمة في تراجع أسعار النفط

تراجعت أسعار النفط في الفترة الأخيرة نتيجة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تؤثر في أسواق الطاقة العالمية. من أبرز هذه العوامل هو تأثير زيادة العرض وفائض المعروض في الأسواق، وهو ما يساهم في ضغط الأسعار بشكل مستمر. على الرغم من أن منظمة أوبك قد بذلت جهودًا لتقليص الإنتاج في محاولة لرفع الأسعار، فإن زيادة الإنتاج من بعض الدول المنتجة للنفط، مثل الولايات المتحدة الأمريكية. قد جعل من الصعب الحفاظ على توازن العرض والطلب في السوق

. بالإضافة إلى ذلك، تسببت المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في ضغط إضافي على أسعار النفط. أعلنت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) بهدف تحفيز الاقتصاد المحلي، إلا أن هذه الحزمة لم تكن كافية لتلبية التوقعات السوقية، مما أثار الشكوك حول قدرة الاقتصاد الصيني على استعادة زخمه. مع تباطؤ النمو في الصين، الذي يعتبر من أكبر مستهلكي النفط، تنخفض التوقعات بالنسبة للطلب العالمي على النفط. مما يؤدي إلى تراجع الأسعار.

عامل آخر يساهم في تراجع أسعار النفط هو ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي. يتسبب الدولار القوي في زيادة تكلفة السلع الأولية المقومة بالدولار، مثل النفط، بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. هذا الأمر يقلل من قدرة البلدان التي تعتمد على العملات الأخرى على شراء كميات كبيرة من النفط. مما يؤدي إلى انخفاض الطلب ويؤثر سلبًا على الأسعار.

 تتزامن هذه العوامل مع توقعات الأسواق بتخفيضات أخرى في تقديرات نمو الطلب على النفط لعام 2025، وفقًا لتوقعات منظمة أوبك. مع تزايد الغموض حول المستقبل الاقتصادي، خصوصًا في ظل التوترات التجارية والسياسية العالمية، يستمر النفط في مواجهة ضغوط نزولية. كل هذه العوامل مجتمعة تسهم في تقليص الأسعار وتزايد المخاوف بشأن استقرار أسواق النفط في المستقبل.

تاثير بيانات التضخم الأمريكية على النفط

تؤثر بيانات التضخم الأمريكية بشكل كبير على أسعار النفط من خلال عدة قنوات اقتصادية. حيث إن التضخم يعد أحد المؤشرات الرئيسية التي يرصدها المستثمرون لتقييم صحة الاقتصاد الأمريكي وتأثيره على أسواق السلع. عندما تُظهر بيانات التضخم مستويات مرتفعة، يتوقع السوق أن يتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إجراءات لرفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم. هذا يؤدي إلى تأثيرات متعددة على أسعار النفط. أولاً، رفع الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض، مما قد يضعف النمو الاقتصادي.

إذا كان الاقتصاد الأمريكي يواجه تباطؤًا بسبب تشديد السياسات النقدية. فقد يقل الطلب على النفط من القطاع الصناعي والنقل، وبالتالي يؤدي إلى تراجع في أسعار النفط. ثانيًا، ارتفاع أسعار الفائدة يعزز من قيمة الدولار الأمريكي. وهو ما يجعل النفط المقوم بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للدول الأخرى التي تستخدم عملات مختلفة. نتيجة لذلك، قد يقل الطلب العالمي على النفط، خاصة من الدول التي تواجه عملات ضعيفة مقارنة بالدولار الأمريكي. مما يساهم في انخفاض أسعار النفط.

من ناحية أخرى، إذا أظهرت بيانات التضخم أن الضغوط التضخمية أقل من المتوقع، قد يدفع ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ نهج أكثر مرونة في سياسته النقدية. مما يعني إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول. في مثل هذه الحالة، يمكن أن يعزز ذلك الطلب على النفط بشكل غير مباشر من خلال تحفيز الاقتصاد. انخفاض أسعار الفائدة يعزز النشاط الاقتصادي، ويزيد من الاستهلاك والاستثمار، مما يرفع الطلب على الطاقة والنفط.

علاوة على ذلك، تنظر الأسواق إلى بيانات التضخم الأمريكية كدليل على الاستقرار الاقتصادي أو المخاطر المحتملة. ولذلك فإن أي مفاجأة في بيانات التضخم، سواء كانت أعلى أو أقل من التوقعا. يمكن أن تتسبب في تقلبات حادة في أسواق النفط. فإذا جاءت البيانات أعلى من التوقعات، قد يزيد ذلك من التوقعات برفع الفائدة، مما يضغط على أسعار النفط.