تراجع اليورو في السوق الأوروبية يوم الاثنين، متخلياً عن أعلى مستوى له في 13 شهراً مقابل الدولار الأمريكي، والذي سجله في وقت سابق من التعاملات الآسيوية. يأتي هذا التراجع نتيجة للنشاط النسبي في عمليات التصحيح وجني الأرباح التي شهدها السوق. كانت العملة الأوروبية الموحدة قد تجاوزت لحظات حاجز 1.12 دولار، وهو المستوى الأعلى لها منذ يوليو 2023، بفضل تزايد الآمال بشأن تقلص فجوة أسعار الفائدة بين أوروبا والولايات المتحدة. سجل اليورو أعلى مستوى له عند 1.1202 دولار، لكنه تراجع إلى 1.1175 دولار، بنسبة انخفاض بلغت 0.1% مقارنة بسعر افتتاح التعاملات عند 1.1187 دولار. هذا التغير يعكس عمليات التصحيح بعد وصول العملة إلى أعلى مستوياتها، وهي إشارة إلى أن الأسواق بدأت في جني الأرباح بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته العملة الأوروبية الموحدة. التحركات الأخيرة في سوق اليورو تأتي بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، في منتدى جاكسون هول، والتي كانت أقل عدوانية مما كان متوقعاً. هذه التصريحات ساهمت في تعزيز قيمة اليورو في الأسابيع الماضية، حيث ارتفع بنسبة 0.7% مقابل الدولار في تعاملات الجمعة، وسجل اليورو ارتفاعاً بنسبة 1.5% خلال الأسبوع المنقضي، مما جعله يسجل رابع مكسب أسبوعي على التوالي وأكبر مكسب في عام 2024، تحديداً منذ نوفمبر 2023. يأتي هذا الارتفاع نتيجة للنشاط المكثف في عمليات شراء اليورو باعتباره بديلاً قوياً للدولار الأمريكي. على صعيد السياسة النقدية، تترقب الأسواق إعلانات البنك المركزي الأوروبي بشأن أسعار الفائدة. تشير البيانات الأخيرة إلى تسارع وتيرة التضخم في أوروبا خلال يوليو، مما يعزز من الضغوط التضخمية على صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي. تجدر الإشارة إلى أن هناك توقعات واسعة النطاق بأن يقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس قبل نهاية العام الجاري. في المقابل، يتوقع المستثمرون أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس.
تأثير خفض الفائدة الأمريكية على أسعار اليورو
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، في منتدى جاكسون هول الاقتصادي يوم الجمعة، إنه حان الوقت لتعديل السياسة النقدية. وأضاف باول أن ثقته قد زادت في أن التضخم يسير على مسار مستدام للعودة إلى الهدف المحدد عند 2%. تأتي تصريحات باول في وقت حاسم حيث يُسعر التجار بشكل شبه كامل احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس قبل نهاية هذا العام. هذه التوقعات بخفض أسعار الفائدة لها تأثير كبير على الفجوة بين أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تبلغ حاليًا 125 نقطة أساس لصالح أسعار الفائدة الأمريكية. مع الوضع الحالي لأسعار الفائدة، من المتوقع أن تتقلص هذه الفجوة إلى 50 نقطة أساس قبل نهاية العام، وهو ما قد يصب في صالح ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي. في ظل هذه التوقعات، يتوقع العديد من المحللين أن يتأثر أداء اليورو بشكل ملحوظ. وفقًا لكبيرة استراتيجيي النقد الأجنبي في كونفيرا، روتا بريسكينيت، يظهر الزخم في زوج اليورو/دولار علامات التعب، مع صعوبة في تخطي حاجز 1.12 دولار للمرة الأولى منذ يوليو 2023. بريسكينيت أكدت أن الرهانات العدوانية حول تخفيضات الفائدة التي أطلقتها الولايات المتحدة قد طغت على الضعف الاقتصادي في منطقة اليورو. الأحداث الأخيرة تشير إلى أن تقليص الفجوة في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وأوروبا قد يؤثر بشكل إيجابي على اليورو. إلا أن الأداء الفعلي لليورو قد يكون معقدًا نتيجة للضعف الاقتصادي المستمر في منطقة اليورو، الذي قد يحد من قوة العملة الأوروبية. في هذا السياق، سيكون من الضروري متابعة بيانات التضخم القادمة من منطقة اليورو، حيث يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تحديد اتجاهات السياسة النقدية الأوروبية وتفاعلها مع التحركات المحتملة لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
كيف يؤثر ضعف اليورو على الاقتصاد الأوروبي
ضعف اليورو الحالي يمكن أن يكون له تأثيرات متعددة ومعقدة على الاقتصاد الأوروبي، حيث يمكن أن تنعكس هذه التأثيرات بشكل إيجابي أو سلبي حسب السياق الاقتصادي والمالي. أولاً، من ناحية التأثيرات الإيجابية، قد يعزز ضعف اليورو التصدير من منطقة اليورو. عندما يكون اليورو ضعيفاً مقابل العملات الأخرى، تصبح السلع والخدمات الأوروبية أرخص بالنسبة للمستوردين من الخارج. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الطلب على الصادرات الأوروبية، مما قد يدعم نمو الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق الدولية. الشركات المصدرة يمكن أن تستفيد من زيادة العائدات بسبب ارتفاع الطلب على منتجاتها في الخارج، مما قد يعزز نموها ويزيد من قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي. من جهة أخرى، يمكن أن يكون لضعف اليورو تأثيرات سلبية ملحوظة على الاقتصاد الأوروبي. أحد التأثيرات الرئيسية يتمثل في ارتفاع تكلفة الواردات. عندما ينخفض اليورو، تصبح السلع والخدمات المستوردة أغلى، مما قد يؤدي إلى زيادة تكلفة المواد الخام والبضائع التي تحتاجها الشركات الأوروبية. هذا قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي، مما قد يؤثر سلباً على القوة الشرائية للمستهلكين الأوروبيين.
ارتفاع تكاليف الواردات يمكن أن يساهم أيضاً في زيادة التضخم، حيث تواجه الشركات تحديات في ضبط أسعارها في ظل الارتفاع المتزايد في تكاليف الإنتاج. التضخم المتزايد قد يؤدي إلى تقليل القدرة الشرائية للمستهلكين، مما يؤثر سلباً على الطلب الداخلي والنمو الاقتصادي. في مثل هذه الظروف، قد يتعرض الاقتصاد لضغوط إضافية، حيث يمكن أن يتراجع الاستهلاك الخاص وتواجه الشركات تحديات في الحفاظ على هوامش ربحها. علاوة على ذلك، قد يؤثر ضعف اليورو على الاستثمارات الأجنبية. المستثمرون الأجانب الذين يبحثون عن فرص استثمارية في منطقة اليورو قد يشعرون بالقلق من التقلبات الكبيرة في قيمة العملة، مما قد يؤدي إلى تراجع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.