لا يزال الجنيه الإسترليني (GBP) يواجه ضغوطًا بالقرب من مستوى 1.2600 مقابل الدولار الأمريكي (USD) في بداية جلسة التداول الأمريكية اليوم الاثنين. يعاني زوج الجنيه الإسترليني / الدولار الأمريكي من صعوبة في تحقيق المكاسب، حيث يواصل الدولار الأمريكي تسجيل أداء قوي بالقرب من أعلى مستوياته منذ أكثر من عام. ويتذبذب مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) حول 107.00، ما يعكس استقرارًا نسبيًا للعملة الأمريكية.
يتمتع الدولار الأمريكي بثبات نسبي، مع توقعات من المستثمرين بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتبع نهجًا تدريجيًا في خفض أسعار الفائدة، في ظل التعافي الجزئي للتضخم والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى التفاؤل بشأن قدرة الرئيس المنتخب دونالد ترامب على تنفيذ أجندته الاقتصادية بسلاسة.
تشير التوقعات إلى أن هناك فرصة بنسبة 62% لتقليص بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر المقبل، ليصل النطاق إلى 4.25%-4.50%. ورغم ذلك، يعد هذا التوقع أقل من النسبة التي كانت تبلغ حوالي 77% في الشهر السابق.
كما أن فوز ترامب في الانتخابات قد دفع المحللين إلى إعادة تقييم توقعاتهم لسياسات الفائدة في العام المقبل. وقال محللو شركة “Quilter Investors” إن “سياسات ترامب قد تخلق ضغوطًا تضخمية، نظرًا لتأثير التعريفات الجمركية التي ستنتقل إلى المستهلكين، بينما تسهم الضرائب المنخفضة في تحفيز الاقتصاد”. وأضافوا أن المستثمرين سيترقبون تصريحات مسؤولي الفيدرالي لمعرفة كيفية تأثير سياسات ترامب على مسار الفائدة المستقبلية.
من جهة أخرى، رفض مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي تقديم تعليق حول تأثير سياسات ترامب على السياسة النقدية. حيث صرح رئيس البنك جيروم باول يوم الخميس أن “من المبكر جدًا التوصل إلى استنتاجات بشأن تأثير سياسات ترامب”.
وفي ما يتعلق بالبيانات الاقتصادية، يترقب المستثمرون صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات (PMI) العالمي الأولية لشهر نوفمبر يوم الجمعة المقبل، والتي قد توفر إشارات جديدة حول الاتجاهات الاقتصادية العالمية.
ملخص يومي لتحركات السوق: الجنيه الإسترليني يواجه ضغوطًا مع انتظار تحول في الأسواق
ظل الجنيه الإسترليني تحت ضغط واضح مقابل الدولار الأمريكي، حيث تواصل الأسواق مراقبة تطورات إدارة ترامب الثانية. ومع ذلك، يُتوقع أن يشهد السوق بعض الارتياح هذا الأسبوع. فقد وصل زوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار (GBP/USD) إلى مستويات ذروة البيع، وفقًا لمؤشر القوة النسبية (RSI)، الذي أظهر قراءة عند 30. وتشير هذه القراءة إلى أن الجنيه الإسترليني قد يكون قد تم بيعه بشكل مفرط. ما يعني أن هناك احتمالًا قويًا لحدوث انعكاس في الاتجاه. هذا قد يتضمن إما فترة من التوحيد أو تعافي مؤقت.
تشير ظروف ذروة البيع هذه، بالإضافة إلى التوقعات بأن الأسواق قد تكون في حاجة إلى فترة استراحة بعد الاندفاع المرتبط بإدارة ترامب، إلى أن الجنيه الإسترليني قد يسجل مكاسب متواضعة هذا الأسبوع. ومع ذلك، هناك عوامل أخرى قد تؤثر على تحركات الجنيه، مثل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة. مما يعزز احتمالية قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب. كما يعتقد محللو BBVA أن استمرار خيبة الأمل في البيانات الاقتصادية البريطانية قد يدفع البنك إلى اتخاذ خطوات لتحفيز النمو الاقتصادي.
من جهة أخرى، تتزايد المخاوف بشأن عدم اليقين الاقتصادي في المملكة المتحدة. حيث تبدو الحكومة في موقف محرج بين تعزيز علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي أو مع الولايات المتحدة. في هذا السياق، جاءت تصريحات ستيفن مور، المستشار الاقتصادي الكبير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، أعرب محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، عن ضرورة إعادة بناء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وهو ما قد يضع المملكة المتحدة في موقف حرج اقتصاديًا. ولذلك، سيولي المستثمرون اهتمامًا خاصًا لبيانات مؤشر أسعار المستهلك في المملكة المتحدة لشهر أكتوبر، التي ستُعلن يوم الأربعاء. حيث من المتوقع أن تؤثر هذه البيانات على التوقعات بشأن سياسة بنك إنجلترا في اجتماعه المقبل في ديسمبر.
تحليل هبوط الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
شهد زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي انخفاضًا متواصلاً لمدة سبعة أسابيع، ما يعكس تحولًا واضحًا نحو الاتجاه السلبي. في الأسبوع الماضي، انخفض الزوج إلى ما دون المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم. وهو ما يعد إشارة فنية رسمية على أن الاتجاه قد انقلب من صعودي إلى هبوطي على المدى الطويل.
يشير الانخفاض الحاد في الزوج إلى تغيير في توقعات الأسواق حول سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. حيث بات من الواضح أن البنك لن يخفّض أسعار الفائدة بالقدر الذي كان متوقعًا في الصيف الماضي. وهذا التعديل في التوقعات يعزز قوة الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى. في هذا السياق، يواصل الاقتصاد الأمريكي التفوق على معظم الاقتصادات الكبرى. مما يعزز من احتمالية استمرار التضخم فوق هدف الـ 2% لفترة طويلة، وهو ما يزيد من دعم الدولار.
دور السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذا السياق يعتبر عاملًا رئيسيًا، إذ تسعى الإدارة الحالية إلى تعزيز النمو من خلال زيادة التعريفات الجمركية وخفض الضرائب. كما أن التعيينات المثيرة للجدل في فريقه التنفيذي تشير إلى رغبة في تسريع الإجراءات الاقتصادية بشكل ملحوظ مقارنة بفترة ولايته الأولى. رد فعل الأسواق بعد الانتخابات الأمريكية يعكس التوقعات المرتبطة بهذه الأجندة الاقتصادية الطموحة.
إلا أن المخاطر تكمن في احتمالية تجاوز السوق للتوقعات المبدئية. مما يجعل المستثمرين في حاجة إلى رؤية بيانات واقعية تؤكد السياسات الاقتصادية المزمعة، قبل أن يتضح تأثيرها الفعلي. وفي غياب مثل هذه البيانات، تظل المساحة مفتوحة لارتداد الدولار الأمريكي بشكل غير مستدام.
أما بالنسبة لمخاطر الأحداث القادمة، فإن الأسواق تترقب بيانات التضخم في المملكة المتحدة المقرر إصدارها يوم الأربعاء. من المتوقع أن يشهد التضخم في المملكة المتحدة ارتفاعًا إلى 2.2٪ على أساس سنوي في أكتوبر، مقارنة بـ 1.7٪ في سبتمبر. ما قد يشير إلى تسارع وتيرة التضخم في البلاد.
توقعات اقتصادية لبريطانيا 2024: التضخم وقرارات الفائدة
في أعقاب ميزانية أكتوبر، قام خبراء الاقتصاد في بنك إنجلترا ومكتب مسؤولية الميزانية بتحديث توقعاتهم الاقتصادية للأمد القريب. مشيرين إلى أن الحكومة أعلنت عن زيادة كبيرة في الإنفاق. ومع ارتفاع أسعار الطاقة المنزلية مجددًا، يُتوقع أن تكون المرحلة الأسهل من عملية الانكماش الاقتصادي في عام 2024 قد انتهت.
تشير التوقعات إلى أن التضخم الأساسي سيظل ثابتًا عند 3.2%، مدفوعًا بزيادة التضخم في قطاع الخدمات. وإذا كانت الأرقام القادمة أضعف من المتوقع، فقد يتعرض الجنيه الإسترليني لضغوط. مما يفتح المجال أمام احتمالية خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا في ديسمبر المقبل.
ووفقًا لسام هيل، رئيس قسم رؤى السوق في بنك لويدز. فإن معدل التضخم في قطاع الخدمات من المتوقع أن يظل قريبًا من 5% على أساس سنوي. ويقول هيل: “لتعزيز فرصة خفض أسعار الفائدة في ديسمبر بشكل ملموس، سيكون من الضروري حدوث مفاجأة هبوطية كبيرة في الأرقام”.
في حال تجاوز التضخم التوقعات، قد يشهد الجنيه الإسترليني ارتفاعًا مقابل الدولار. مما يعزز التوقعات بأن بنك إنجلترا لن يتمكن من خفض أسعار الفائدة إلا بوتيرة تدريجية تبدأ في عام 2025، مع احتمالية خفضها أربع مرات أخرى فقط.
كما حذرت بعض الشركات الكبرى في قطاعي التجزئة والضيافة من أن زيادة مساهمات التأمين الوطني من أصحاب العمل قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف على المستهلكين. وربما تؤدي إلى فقدان وظائف. تقول جين فولي، كبيرة استراتيجيي النقد الأجنبي في رابوبانك: “هذه الزيادة قد تشكل ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد”.
قد يستجيب بنك إنجلترا لأي علامات تباطؤ اقتصادي من خلال خفض أسعار الفائدة مرة أخرى الشهر المقبل، مع مراعاة أن ذلك لن يؤدي إلى زيادة التضخم بشكل كبير. ويبدو أن البنك يعتقد أن السماح للنمو بالانكماش قد يساعد في خفض التضخم بشكل أكبر في السنوات 2025-2026.
أي إشارات تدل على تسريع عملية خفض أسعار الفائدة قد تكون ضغوطًا إضافية على الجنيه الإسترليني. مما يعزز التكهنات بتقلبات في السوق في الفترة المقبلة.