شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا في تعاملات يوم الأربعاء، بعد أن قرر المستثمرون الاستفادة من الانخفاضات الحادة التي شهدتها الأسعار في الجلسة السابقة. يأتي هذا الارتفاع في وقت تركز فيه الأنظار على بيانات التضخم الأمريكية، التي قد توفر مزيدًا من الوضوح بشأن السياسة النقدية التي سيتبعها الاحتياطي الفيدرالي.
شراء الانخفاضات يدعم أسعار الذهب
قال كبير محللي السوق لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إن هناك حاليًا طلبًا ملحوظًا على الذهب بسبب تراجع أسعاره إلى أقل من مستوى 2600 دولار. وأضاف وونغ أن المتداولين الذين يحاولون الاستفادة من هذه الانخفاضات قد ساهموا في رفع الأسعار مجددًا. ويبدو أن السوق قد بدأ يتجه نحو استغلال هذه الفرصة، في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدها في الفترة الماضية.
من جانب آخر، تواصل الأسواق مراقبة تطورات الوضع الاقتصادي العالمي، إذ تتجه الأنظار نحو تأثير قوة الدولار على أسعار الذهب. فالدولار الأمريكي كان قد شهد ارتفاعًا في الفترة الأخيرة، وهو ما أثّر بشكل سلبي على أسعار المعدن الأصفر. يتوقع المحللون أن هذه القوى ستستمر في التأثير على الذهب في الأيام القادمة، خصوصًا مع ما قد تحمله من نتائج لبيانات التضخم الأمريكية.
التضخم الأمريكي وتأثيره على الذهب
في هذا السياق، يترقب المستثمرون البيانات القادمة عن التضخم في الولايات المتحدة، والتي قد توفر إشارات حول السياسة النقدية المستقبلية. ففي حال ارتفعت معدلات التضخم بشكل أكبر مما هو متوقع، فقد يُلجأ إلى سياسات نقدية أكثر تشددًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ما قد يدفع المعدن الأصفر إلى مستويات أعلى. من ناحية أخرى، إذا انخفض التضخم أو استقر عند معدلات منخفضة، فقد يشهد المعدن الأصفر ضغطًا هبوطيًا. حيث قد يعتقد المستثمرون أن الاحتياطي الفيدرالي سيتجنب رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
الذهب تحت تأثير توقعات خفض الفائدة وبيانات التضخم الأمريكية
توقع المتداولون احتمالًا بنسبة 58.7% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر المقبل، وفقًا لأداة متابعة الفائدة الأمريكية المتاحة على “إنفستنغ السعودية”. هذا الرقم جاء مقارنةً بنسبة 77.3% الأسبوع الماضي، مما يعكس تراجعًا في التوقعات بخفض الفائدة بشكل حاد في المستقبل القريب.
ارتفاع معدلات الفائدة يضغط على جاذبية الذهب
يُعتبر المعدن الأصفر من أبرز وسائل التحوط ضد التضخم، إذ يلجأ إليه المستثمرون للحفاظ على قيم أموالهم في أوقات الاضطراب الاقتصادي. ومع ذلك، يواجه الذهب تحديات كبيرة عندما ترتفع معدلات الفائدة. فعند رفع الفائدة، تقل جاذبية الذهب نظرًا لأنه لا يدر عوائد ثابتة، مما يجعل المستثمرين يتوجهون إلى الأصول التي تقدم عوائد أعلى مثل السندات والأسهم. وبالتالي، يشهد الذهب ضغوطًا هبوطية مع زيادة الفائدة.
تأثير بيانات التضخم على سعر الذهب
تترقب الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في الولايات المتحدة، المقرر إعلانها في الساعة 16:30 بتوقيت الرياض. إذا أظهرت البيانات أن التضخم لا يزال تحت السيطرة، فقد يشهد الذهب زيادة في قيمته، حيث قد يختبر مستوى 2650 دولارًا، كما أشار كبير محللي السوق، كلفن وونغ. من جهة أخرى، إذا أظهرت البيانات أن التضخم ما يزال مرتفعًا، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد سياسة الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة، ما قد يؤثر سلبًا على الذهب.
التقلبات المحتملة في الأسواق بسبب بيانات التضخم
تُعد بيانات التضخم من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تترقبها الأسواق بشكل عام، إذ تؤثر بشكل مباشر على قرارات البنك المركزي الأمريكي. فإذا أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك نموًا كبيرًا في الأسعار، قد يعزز ذلك من فرص رفع الفائدة في المستقبل. مما يؤدي إلى مزيد من الضغط على الذهب. أما إذا كانت البيانات معتدلة، فقد يزيد ذلك من احتمالات أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على السياسة النقدية الحالية أو حتى يقوم بتخفيض الفائدة. وهو ما قد يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.
بيانات اقتصادية أخرى تراقبها الأسواق
وقال مصرف ANZ في مذكرة: “من المرجح أن تؤدي خطط ترامب لمواصلة تخفيض الضرائب لما بعد عام 2025 وزيادة الإنفاق إلى تدهور الوضع المالي للولايات المتحدة، مما قد يمهد الطريق لتعديلات في السياسة الاقتصادية الكلية تدعم الذهب”
إلى جانب مؤشر أسعار المستهلك، من المقرر أن تصدر يوم الخميس بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية. كما يُتوقع أن تصدر بيانات مبيعات التجزئة يوم الجمعة. وهو ما سيعطي المستثمرين إشارات إضافية حول الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة. جميع هذه البيانات قد تؤثر بشكل غير مباشر على الأسواق المالية، بما في ذلك أسواق الذهب.
وفي الوقت نفسه، يترقب المتداولون تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ومسؤولين آخرين في البنك المركزي الأمريكي. إذا تطرق المسؤولون إلى تطورات التضخم أو السياسة النقدية، فقد تؤثر تصريحاتهم بشكل كبير على حركة أسعار الذهب. التي تتأثر بشدة بالتوجهات المستقبلية لأسعار الفائدة.
المعادن الأخرى
ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 1% إلى 31 دولارًا، وأضاف البلاتين 0.6% ليصل إلى 953.22 دولار. بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 1% إلى 953.84 دولار.
توقعات مستقبلية للذهب
مع هذه التحولات في الأسواق، يترقب المستثمرون ما ستؤول إليه التطورات الاقتصادية. في حال استمر التضخم في الارتفاع، قد يؤدي ذلك إلى زيادات في أسعار الذهب. حيث يعتبر المعدن الأصفر ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. من ناحية أخرى، قد يؤدي أي تراجع في التضخم أو تشديد السياسة النقدية إلى تراجع أسعار الذهب.
وعلى الرغم من التوقعات المتباينة، يبقى الذهب خيارًا مفضلًا للمستثمرين الذين يسعون للحفاظ على قيمة أموالهم في أوقات الأزمات الاقتصادية. بينما يترقب السوق إعلان بيانات التضخم، يشهد الذهب زيادة في الطلب عليه، مدفوعًا بانخفاض الأسعار في الجلسات السابقة.