في اجتماعه اليوم، قرر مجلس إدارة البنك الاحتياطي إبقاء هدف سعر الفائدة النقدية عند 4.35 في المائة، كما تم الإبقاء على سعر الفائدة المدفوع على أرصدة تسوية الصرف عند 4.25 في المائة. يعد هذا القرار استمرارًا للسياسات الحالية التي تهدف إلى استقرار السوق المالي.
على الرغم من ارتفاع التضخم الأساسي بشكل كبير، إلا أن هناك بعض التحسن الملحوظ. شهد التضخم انخفاضًا كبيرًا منذ ذروته في عام 2022، حيث ساعدت أسعار الفائدة المرتفعة في إعادة التوازن بين الطلب الكلي والعرض. وعلى الرغم من ذلك، فإن مقاييس التضخم الأساسية لا تزال عند مستوى 3.5 في المائة، وهو ما يظل بعيدًا عن نقطة المنتصف المستهدفة البالغة 2.5 في المائة.
بناءً على توقعات الفائدة الأخيرة التي تم نشرها في بيان السياسة النقدية لشهر نوفمبر، لا يتوقع عودة التضخم إلى نقطة المنتصف المستهدفة بشكل مستدام حتى عام 2026. ومع ذلك، يشعر مجلس الاحتياطي ببعض الثقة في أن الضغوط التضخمية بدأت في الانخفاض. هذه التوقعات تدعم رؤية المجلس بأن التضخم في طريقه للانخفاض، رغم أن المخاطر لا تزال قائمة.
من المتوقع أن تظل السياسة النقدية مرنة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية المستقبلية. كما يلاحظ المجلس أهمية الاستمرار في متابعة جميع المؤشرات الاقتصادية لضمان استقرار السوق. هذا وقد أكد بيان السياسة النقدية على أهمية اتخاذ قرارات دقيقة تأخذ في الاعتبار كافة التحديات الاقتصادية الحالية.
التوقعات الاقتصادية: التحديات والفرص المستقبلية و الفائدة
تظل التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة في الوقت الحالي. رغم أن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعًا، إلا أن البيانات الأخيرة بشأن النشاط الاقتصادي كانت مختلطة. بشكل عام، كانت أضعف من المتوقع في نوفمبر
أظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي ضعفًا ملحوظًا. تشير الحسابات الوطنية للربع الثالث من سبتمبر إلى أن الاقتصاد نما بنسبة 0.8% فقط خلال العام الماضي. يمثل هذا النمو الأبطأ منذ أوائل التسعينيات، وهو يشير إلى تأثيرات مستمرة من جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد. واستمر انخفاض الدخل الحقيقي المتاح والظروف المالية التقييدية في التأثير على الإنفاق الاستهلاكي للأسر.
تقرير الاقتصاد الأمريكي: التوقعات والآفاق المستقبلية
فيما يتعلق بسوق العمل، تشير مجموعة من المؤشرات إلى أن الظروف ما زالت صعبة. على الرغم من التحسن التدريجي في بعض المؤشرات، فإن بعضها استقر مؤخرًا. بلغ معدل البطالة في أكتوبر 4.1%، مقارنة بـ 3.5% في أواخر عام 2022. ومع ذلك، شهد التوظيف نموًا قويًا في الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر. كما ظل معدل المشاركة في العمل قريبًا من أعلى مستوياته القياسية. ورغم ذلك، استمرت أعداد الوظائف الشاغرة في الارتفاع، مما يعكس وجود طلب قوي على العمالة.
في الوقت نفسه، تراجعت مؤشرات سوق العمل الدورية في الآونة الأخيرة. من بينها معدلات البطالة، ونقص العمل بين فئة الشباب. وقد تشير هذه التغيرات إلى بداية تحسن في وضع سوق العمل.
من المتوقع أن تستمر الظروف الاقتصادية في التأثير على السياسات المستقبلية. سيتطلب الأمر المزيد من المتابعة الحثيثة لتقييم الآثار الطويلة الأجل للظروف الحالية. في النهاية، ستظل السياسات النقدية والمالية مرنة بما يتماشى مع التحديات الاقتصادية، بهدف تحقيق الاستقرار والنمو المستدام.
تراجعت ضغوط الأجور في نوفمبر بشكل أكبر من المتوقع، وفقًا لتقرير مؤشر أسعار الأجور. بلغ معدل نمو الأجور 3.5% على مدار العام حتى الربع الثالث من عام 2023. يعد هذا المعدل أقل من الربع السابق، رغم أن نمو إنتاجية العمل لا يزال ضعيفًا.
استنادًا إلى البيانات الأخيرة، يرى مجلس الاحتياطي أن السياسة النقدية تظل مقيدة وتؤدي دورها كما كان متوقعًا. وتراجعت المخاطر المرتبطة بالتضخم بشكل عام. على الرغم من أن الطلب الكلي لا يزال يتجاوز قدرة العرض في الاقتصاد، فإن الفجوة بينهما تستمر في الانغلاق تدريجيًا. هذه الديناميكية تشير إلى تحسن في الاقتصاد.
تشير التوقعات الرئيسية إلى أن استهلاك الأسر سينمو مع زيادة الدخل. تظهر بيانات الربع الثالث من سبتمبر أن كلاً من الدخل والاستهلاك تعافيا بشكل أبطأ من المتوقع. ومع ذلك، تشير البيانات الأحدث إلى أن الاستهلاك بدأ ينتعش في شهري أكتوبر ونوفمبر. من الممكن أن يكون الانتعاش أبطأ مما كان متوقعًا، وهو ما قد يؤثر في نمو الناتج الاقتصادي وسوق العمل.
تقرير السياسة النقدية: التحديات والفرص المستقبلية
هناك خطر يتمثل في أن أي انتعاش في الاستهلاك قد يكون أبطأ من المتوقع، مما يؤدي إلى استمرار ضعف نمو الناتج وتدهور سوق العمل. في ظل هذه الظروف، هناك شكوك كبيرة بشأن تأثير السياسة النقدية، وكيف ستستجيب الشركات لقرارات التسعير والأجور في سياق النمو البطيء وضعف الإنتاجية. تظل الظروف في سوق العمل متوترة، مما يضيف مزيدًا من التعقيد لتوقعات النمو الاقتصادي.
مع استمرار الضغوط على الاقتصاد، يُتوقع أن تظل السياسة النقدية مرنة في مواجهة المتغيرات المستقبلية. سيظل مجلس الاحتياطي يراقب عن كثب جميع المؤشرات الاقتصادية لضمان تحقيق التوازن المطلوب بين التضخم والنمو الاقتصادي.
لا يزال هناك مستوى عالٍ من عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الخارج. خففت معظم البنوك المركزية من سياساتها النقدية مؤخرًا، بعد أن تزايدت ثقتها في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو أهدافها. ومع ذلك، تشير هذه البنوك إلى أنها لا تزال حذرة في اتخاذ القرارات، حيث تراقب المخاطر التي قد تظهر في كلا الاتجاهين. من أبرز هذه المخاطر ضعف أسواق العمل وقوة التضخم. كما أن حالة عدم اليقين الجيوسياسية ما زالت قائمة.
تظل عودة التضخم إلى مستواه المستهدف بشكل مستدام هي الأولوية الرئيسية. يضع مجلس الاحتياطي هذا الهدف على رأس أولوياته. يتماشى ذلك مع التفويض الممنوح له لتحقيق استقرار الأسعار والتشغيل الكامل. حتى الآن، كانت توقعات التضخم على المدى البعيد متوافقة مع الهدف المحدد. من المهم أن تستمر هذه التوقعات في التوافق مع الهدف لضمان استقرار السوق.
على الرغم من أن التضخم العام قد انخفض بشكل كبير، فإنه من المتوقع أن يظل منخفضًا لفترة من الوقت. من جهة أخرى، يشير التضخم الأساسي إلى أن هناك زخمًا متزايدًا في التضخم، مما يعني أن الوضع لا يزال يتطلب اهتمامًا خاصًا. تشير التوقعات الواردة في تقرير السياسة النقدية لشهر نوفمبر إلى أن التضخم سيستغرق وقتًا قبل أن يصل بشكل مستدام إلى النطاق المستهدف ويقترب من نقطة المنتصف. فإن البيانات الأخيرة حول التضخم والظروف الاقتصادية تدعم هذه التوقعات.
توقعات التضخم وسوق العمل والفائدة
سيواصل المجلس الاعتماد على البيانات والتقييم المتطور للمخاطر عند اتخاذ قراراته. في هذا السياق، سيولي اهتمامًا خاصًا للتطورات في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، فضلاً عن اتجاهات الطلب المحلي وتوقعات التضخم وسوق العمل. مع استمرار التحديات الاقتصادية، يظل المجلس حازمًا في عزمه على إعادة التضخم إلى مستواه المستهدف. وسوف يواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، مهما كانت المتطلبات. و إن الحفاظ على استقرار الأسعار هو الهدف الرئيسي، وسوف يسعى المجلس إلى ضمان تحقيق ذلك في إطار زمني معقول.