إن خطاب عضو اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) هو حدث محوري يتابعه عن كثب الأسواق المالية والمحللون. تقدم تعليقاته رؤى حاسمة حول قرارات السياسة المستقبلية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وخاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة والتضخم والتوقعات الاقتصادية الأوسع. لا تشير هذه التصريحات إلى موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الظروف الاقتصادية الحالية فحسب، بل إنها توفر أيضًا إرشادات قيمة حول كيفية تعامل البنك المركزي مع التحديات المستقبلية.
يولي المستثمرون وصناع السياسات والاقتصاديون على حد سواء اهتمامًا كبيرًا بهذه الخطب. حيث يمكنها التأثير على توقعات السوق والتأثير على الاستراتيجيات المالية في جميع أنحاء العالم.
وعلى هذا النحو، فإن فهم الفروق الدقيقة لهذا الخطاب أمر ضروري لتوقع اتجاه السياسة النقدية الأمريكية وتأثيراتها المحتملة على كل من الأسواق المحلية والدولية.
فيما يلي الخطاب الكامل لوالر كما تم إلقاؤه اليوم الأربعاء،28 أغسطس 2024:
لقد سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تحقيق هدف مجموعة العشرين المتمثل في دفعات عبر الحدود أكثر فعالية من حيث التكلفة وفي الوقت المناسب من خلال مبادرات مختلفة. تعود هذه الجهود إلى أواخر التسعينيات عندما قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتكييف خدمة المقاصة الآلية (ACH) لدعم المدفوعات الدولية. ومؤخرا، في عام 2015، تعاوننا مع الصناعة لتحسين نظام الدفع بشكل أكبر. اليوم، في حين يمكن للمستهلكين والشركات عمومًا إرسال المدفوعات عالميًا، فإنهم ما زالوا يطالبون بخيارات أسرع وأرخص، تمامًا كما نرغب في رحلات أسرع وأسعار أرخص. ومع ذلك، تظل فعالية أنظمة الربط في تلبية هذه المطالب غير مؤكدة.
مع إنشاء أنظمة الدفع السريعة الآن في أكثر من 70 دولة، يتحول الاهتمام إلى كيفية تعزيز هذه الأنظمة للمدفوعات العالمية. إن أحد الأساليب الواعدة هو ربط هذه الأنظمة ببعضها البعض، مما يسمح للبنوك في بلدان مختلفة بإرسال المدفوعات من خلال الروابط بين أنظمتها المحلية. هذا المفهوم هو جزء من خريطة طريق مجموعة العشرين، بهدف معالجة تحديات المدفوعات عبر الحدود على المستوى العالمي مع مدخلات من أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك القطاع الخاص.
توازن بين سرعة المدفوعات وإدارة المخاطر: ماقيل في خطاب عضو اللجنة الفيدرالية
لا تعتبر جميع الاحتكاكات في عملية الدفع سلبية، حيث يتم دمج بعضها عمدًا ضمن النظام لتحقيق الامتثال وإدارة المخاطر. فعلى سبيل المثال، تباطؤ سرعة الدفع يساعد في منع غسل الأموال، واكتشاف الاحتيال، واسترجاع المدفوعات غير الصحيحة أو الاحتيالية.
ورغم أن النظام الحالي الذي يعتمد على سلسلة معقدة من البنوك المراسلة يؤدي إلى بطء المعاملات. إلا أن تسريع هذه المدفوعات قد يزيد من المخاطر التي تواجهها البنوك المشاركة في الأنظمة المترابطة. لذا، يجب مراعاة الجوانب القانونية والامتثالية والتشغيلية عند مناقشة إمكانيات وتحديات الربط بين هذه الأنظمة.
من جهة أخرى، يجب التفكير فيما إذا كانت جميع الأطراف المشاركة في المعاملات عبر الحدود ترغب في الحصول على مدفوعات أسرع. فالبائعون عادة ما يفضلون الدفع السريع، بينما يميل المشترون إلى تأجيل الدفع لأطول فترة ممكنة. لذا، فإن تحفيز تسريع المدفوعات يتطلب دراسة دقيقة. وبالرغم من أن التحويلات الشخصية تعد استثناءً حيث تتطلب عادة تحويلات سريعة. إلا أنها تشكل جزءًا صغيرًا من إجمالي قيم المدفوعات عبر الحدود. لذا، يجب أن يتم تحقيق توازن دقيق بين فوائد تدخل القطاع العام لتعزيز سرعة المدفوعات وبين تكاليف هذا التدخل.
دور القطاع الخاص في خفض التكاليف
أما دور القطاع الخاص في خفض التكاليف، فإن كان هناك قرار لتحفيز المدفوعات الأسرع من خلال خفض التكاليف. فمن سيتحمل هذه المسؤولية؟ وهل يجب على القطاع الخاص أن يقوم بذلك من خلال المنافسة كما هو الحال مع المنتجات الأخرى؟ أم أن هناك خصوصية تتطلب تدخل البنك المركزي لربط الشبكات وخفض التكاليف؟ لقد شهدنا أمثلة على الابتكار من القطاع الخاص في مجال المدفوعات عبر الحدود، سواء على مستوى البيع بالجملة أو التجزئة. فعلى سبيل المثال، يسمح نظام الدفع في الوقت الحقيقي بتسوية ومقاصة المعاملات العالمية في غضون ثوانٍ. مع الامتثال في أقل من 24 ساعة. وبالمثل، يساهم نظام SWIFT في تحسين سرعة وشفافية المدفوعات العالمية لعملاء الأعمال، وقد تم اعتماده من قبل 150 بنكًا حول العالم.
تعزيز فعالية أنظمة الدفع العالمية عبر التنسيق الدولي والمحلي: كما قال والر
تعتمد أنظمة الدفع، مثل غيرها من الشبكات، على انتشار واسع لتحقيق النمو وزيادة القيمة. على المستوى العالمي، يتطلب هذا بناء شبكات محلية قوية كقاعدة للشبكات المتصلة. بدون هذه الشبكات المحلية، قد تفشل الأنظمة المترابطة في تحقيق فعاليتها المطلوبة. تعاملت الدول مع بناء هذه الشبكات بطرق مختلفة. فمثلًا، في البرازيل، قام البنك المركزي بإلزامية المشاركة في نظام Pix الناجح، بينما تعاونت حكومة الهند مع البنك المركزي والقطاع الخاص لإنشاء بنية تحتية رقمية متقدمة.
في الولايات المتحدة، حيث يوجد أكثر من 9000 مؤسسة مالية، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي ببناء نظام دفع سريع يمكن الوصول إليه للجميع لدعم سياساته.
في ذلك الوقت، كان هناك نظام دفع فوري واحد فقط، تم تطويره من قبل أكبر البنوك الخاصة. ولكنه لم يكن كافيًا ليغطي جميع المؤسسات، مما دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي للتدخل لحل مشكلات التنسيق بما يتماشى مع دوره التاريخي في نظام الدفع الأمريكي.
من الناحية الفنية، يتطلب ربط أنظمة الدفع السريع التوافق بين الشبكات المحلية وتسهيل المدفوعات العالمية. ومع ذلك، فإن تحقيق التشغيل البيني يواجه تعقيدات كبيرة تشمل التحديات القانونية والامتثالية وتسوية المعاملات وحوكمتها. حتى عندما تكون هناك اتصالات تكنولوجية متاحة، قد لا تكون المدفوعات فورية بسبب اختلافات في تطبيق معيار ISO 20022 العالمي، المستخدم من قبل معظم أنظمة الدفع السريع. يتعين على المشغلين التنسيق حول ممارسات مشتركة لإرسال رسائل ISO بسلاسة عبر الحدود.
في الختام، يلعب القطاع العام دورًا حيويًا في تحسين المدفوعات عبر الحدود، وهو جهد يشارك فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي بنشاط. سنواصل العمل في المنتديات الدولية لتعزيز سرعة وكفاءة المدفوعات عبر الحدود ومعالجة التحديات المرتبطة بربط أنظمة الدفع. في المستقبل القريب والمتوسط، سنركز على بناء شبكة FedNow محليًا وزيادة المشاركة فيها.
كما نعمل على تحسين البنية التحتية للمدفوعات عبر الحدود من خلال تمديد ساعات التشغيل لخدمة Fedwire Funds Service وتبني معيار ISO 20022. وفي المستقبل، سنقوم بالبحث والتجارب على التقنيات الناشئة لفهم دورها المحتمل في تطور مشهد المدفوعات العالمي.