تراجع مخزونات النفط الخام بمقدار 1.81 مليون برميل والأسواق تبقى حذرة

تراجع مخزونات النفط الخام بمقدار 1.81 مليون برميل والأسواق تبقى حذرة

تقرير مخزونات النفط الخام: سحب مفاجئ في مخزون النفط الأمريكي

 

أظهرت أحدث بيانات المخزونات في الولايات المتحدة انخفاضاً قدره 1.81 مليون برميل من النفط الخام هذا الأسبوع، وهو تراجع أقل مما توقعه المحللون (-2.16 مليون برميل). ووفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، تراجعت المخزونات التجارية إلى نحو 425.7 مليون برميل. أي أقل بنحو 4% من متوسط الخمس سنوات لنفس الفترة.

ورغم أن انخفاض المخزونات عادة ما يشير إلى تشديد في الإمدادات ويدعم الأسعار. فإن كون السحب أقل من التوقعات حدّ من ردّ فعل السوق. حيث سجلت عقود خام برنت وغرب تكساس تراجعاً طفيفاً. كما لفت المتداولون إلى أن مخزونات البنزين ونواتج التقطير ارتفعت بشكل ملحوظ، ما أثار مخاوف إضافية بشأن ضعف الطلب على الوقود واتجاهات التكرير.

ويأتي هذا التقرير بعد فترة من الطلب العالمي الضعيف إلى جانب عرض مستقر. بل ومتزايد في بعض الأحيان، من كبار المنتجين. وقد حذر محللون في شركات السلع من احتمالات فائض في الإمدادات مع دخول 2026. نتيجة زيادة الإنتاج وتباطؤ نمو الطلب، وهو ما قد يضغط على الأسعار رغم الانخفاضات المتقطعة في المخزونات.

كما تشير التقارير إلى أنه رغم انخفاض مخزون النفط الخام بشكل طفيف، فإن مخزونات المنتجات المكررة، مثل البنزين ونواتج التقطير، لم تُظهر قوة موازية في الطلب. ما يزيد من حالة الشك حول ديناميكيات الاستهلاك في المدى القريب. ومع وفرة الإمدادات واستمرار الضبابية في الطلب العالمي، يُنظر إلى أرقام اليوم باعتبارها تصحيحاً محدوداً لا يعكس تحولاً واضحاً نحو الزخم الصعودي.

وبشكل عام، ترك الانخفاض الطفيف في مخزون الخام إلى جانب بيانات المنتجات المكررة المتباينة الأسواق في حالة من الترقب الحذر. ومن المرجح أن تلعب البيانات القادمة في الأسابيع المقبلة. خصوصاً المتعلقة بالطلب، المخزون، ومؤشرات النمو العالمي، دوراً حاسماً في تحديد ما إذا كان النفط سيستعيد زخمه أم سيبقى يتحرك في نطاق محدود.

 

ردة فعل السوق: أسعار متباينة ومعنويات ضعيفة

 

في ظل البيانات المتباينة، واجهت أسعار النفط صعوبة في تحديد اتجاه واضح. فخلال تداولات منتصف الجلسة، استقر خام برنت قرب 62.13 دولار للبرميل، فيما تداول خام غرب تكساس حول 58.44 دولار، مسجّلين مكاسب طفيفة لا تتجاوز 0.3% خلال الجلسة. هذا التفاعل الهادئ يعكس حالة الشك المسيطرة على الأسواق. فبرغم تراجع المخزونات الأميركية، لا يزال المتداولون حذرين من مخاطر وفرة الإمدادات وضعف الطلب العالمي.

وتستند هذه المخاوف إلى تنامي القلق بشأن ضعف الطلب الحقيقي. فقد حذرت عدة مؤسسات كبرى في قطاع السلع من احتمال حدوث “فائض ضخم” (Super-Glut) في عام 2026. نتيجة توقعات بزيادة كبيرة في الإنتاج العالمي مقابل نمو بطيء في الطلب. وإن تحققت هذه التوقعات، فقد لا يكون الانخفاض الحالي في مخزونات النفط الخام سوى انحراف مؤقت ضمن اتجاه أوسع من وفرة المعروض.

إضافة إلى ذلك، تساهم الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية العالمية في تعقيد المشهد. فحالة عدم اليقين الاقتصادي، خاصة في المناطق ذات الاستهلاك المرتفع للطاقة، أدت إلى تراجع توقعات الطلب. كما أن التوترات التجارية العالمية وتغير أنماط استهلاك الطاقة تستمر في الضغط على المعنويات طويلة الأمد. وفي مثل هذا السياق، يبدو أن انخفاض المخزون وحده لا يكفي لدفع المؤسسات الاستثمارية نحو شراء قوي. نظراً لانتظارها إشارات أوضح على تحسن الطلب.

لذلك، ورغم أن البيانات حملت بعض الإشارات الإيجابية المحدودة من جانب المعروض، إلا أن تأثيرها بقي محدوداً بفعل العوامل الأكبر التي تعزز الحذر. وعليه، تبقى أسعار النفط ضمن نطاق ضيق، مع انخفاض واضح في وتيرة التقلبات، بانتظار إشارات أكثر وضوحاً. وتشير هذه الحالة إلى أن تحسن الطلب بشكل ملموس أو حدوث اضطراب كبير في الإمدادات قد يكونان الشرطين الوحيدين لكسر هذا التوازن الحالي.

وفي الوقت الراهن، يبدو أن المتداولين ينظرون إلى بيانات اليوم على أنها تأكيد لاستمرار هشاشة الطلب العالمي أكثر من كونها محفزاً صعودياً قوياً. وتبقى حركة النفط محصورة في نطاق محدود، مع ميل عام نحو الحذر حتى ظهور بيانات أكثر دعماً.

 

ما الذي يجب مراقبته الآن؟ مؤشرات قد تحرّك سوق النفط قريبًا

 

في ظل الاستجابة المتباينة لأرقام المخزونات اليوم، سيحرص المتداولون والمستثمرون على متابعة عدة مؤشرات قادمة قد تغيّر مسار سوق النفط. سواء نحو قوة متجددة أو حذر أعمق.

  1. بيانات المصافي ومخزونات المنتجات: مع الانخفاض الطفيف في خام النفط وارتفاع مخزونات البنزين والديزل، قد تعزز التقارير الأسبوعية القادمة عن زيادة مخزونات المنتجات الانطباع بضعف الطلب، مما يضغط على الأسعار. وعلى العكس، فإن انخفاض مخزونات البنزين أو زيت التدفئة قد يعيد الثقة بشأن الاستهلاك.
  2. مؤشرات الطلب العالمي: تعد البيانات الاقتصادية من أكبر المستهلكين (مثل مؤشرات PMI التصنيعية، بيانات الطلب الاستهلاكي، والنشاط الصناعي) حاسمة. فإذا استقر أو تحسن النمو العالمي، قد يرتفع الطلب على النفط. وتصبح وفرة المعروض المحدودة أكثر أهمية، ما قد يدعم الأسعار.
  3. تطورات الإنتاج والإمدادات: أي أخبار عن تخفيضات الإنتاج (من أوبك+ أو كبار المنتجين) أو اضطرابات (جيوسياسية، مناخية، أو لوجستية) قد تميل الكفة نحو ضيق المعروض. وعلى العكس، زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي أو استئناف صادرات كبار المنتجين قد تضيف ضغطاً هبوطياً على الأسعار.
  4. الخلفية الاقتصادية الكلية: مع تقلب قرارات البنوك المركزية وتوقعات أسعار الفائدة العالمية، قد تتحرك أسعار النفط بالتوازي مع أصول المخاطرة، منحنيات العائد، وقوة العملات. فعلى سبيل المثال، الدولار الأضعف يميل لدعم أسعار النفط عالمياً. بينما المخاوف من رفع الفائدة أو قوة الدولار غالباً ما تثقل أسعار السلع.
  5. الطلب الموسمي ونظرة الشتاء: مع اقتراب الشتاء في نصف الكرة الشمالي، قد يرتفع الطلب على زيت التدفئة والوقود. وتشير العلامات الإيجابية على انخفاض المخزونات الموسمية أو زيادة معدلات تشغيل المصافي إلى إمكانية دفع الأسعار للارتفاع.

من منظور التداول، سيكون المرونة وإدارة المخاطر هما المفتاح. نظراً للظروف الحالية التي تجمع بين قلق على المعروض وضعف الطلب، من الممكن حدوث تقلبات مفاجئة. قد يختار المتداولون البقاء على الهامش حتى ظهور إشارات اتجاهية أو اعتماد مراكز صغيرة ومحصّنة لتقليل المخاطر.