الفضة، المعدن الأبيض، يشهد تحركات قياسية على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث يتجاوب سعره مع التحولات الاقتصادية العالمية والتطورات في السوق. في الأيام الأخيرة، ارتفعت أسعار الفضة بسوق الأوروبية، لتصل إلى أعلى مستوى لها في ثلاثة أسابيع، وتقترب من المستويات القياسية التي شهدتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
هذا الارتفاع جاء نتيجة لتراجع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن آخر للاستثمار، مما زاد الطلب على المعدن النفيس كالفضة. بالإضافة إلى ذلك، يرجح أن نشاط الطلب الاستثماري يلعب دورًا أساسيًا في هذا الارتفاع، حيث يتجه المستثمرون نحو المعادن النفيس كبديل استثماري آمن في ظل التقلبات الاقتصادية الحالية.
ومع اقتراب المعدن الأبيض من تحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أوائل أبريل، يتزايد الاهتمام بآفاق الطلب عليه، خاصة مع آمال تحسن مستويات الطلب الفعلي في أكبر دولة مستهلكة للمعادن، الصين. يعزى هذا التفاؤل إلى تحسن البيانات الاقتصادية في الصين واستعادة النشاط الاقتصادي بعد فترة من التباطؤ.
على الرغم من هذه التطورات الإيجابية، يجب مراقبة تطورات الأسواق العالمية عن كثب، حيث يمكن أن تؤدي تغيرات في العوامل الاقتصادية أو السياسية إلى تقلبات جديدة في أسعار الفضة.
نظرة سعرية على معدن الفضة تشير إلى استمرار تحركاته الإيجابية خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار الفضة اليوم بنسبة تزيد عن 1.5%، لتصل إلى 28.77 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ 19 أبريل الماضي. كانت الأسعار في بداية جلسة التعاملات عند 28.34 دولارًا، ثم سجلت أدنى مستوى عند 28.23 دولارًا.
يأتي هذا الارتفاع بعد أن انهت أسعار الفضة تعاملات الأمس على ارتفاع بنسبة 3.7%، وهو ثاني مكسب يومي على التوالي، وأكبر مكسب يومي منذ 3 أبريل الماضي. تلك الزيادة جاءت ردًا على بيانات ضعيفة صدرت في الولايات المتحدة، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى المعادن النفيس كملاذ آمن.
أهمية فهم طبيعة الأسواق المالية والتغيرات السريعه
هذه التحركات الإيجابية تعكس تفاؤل المستثمرين بالمعدن النفيس وقدرته على الاستمرار في التحقق من المكاسب، لكن يجب متابعة تطورات السوق وعوامل القلق الاقتصادي والسياسي التي قد تؤثر على الأسعار في المستقبل.
في 12 أبريل الماضي، سجل معدن الفضة أعلى مستوى له في ثلاث سنوات عند 29.80 دولارًا للأوقية، وهو مستوى قياسي منذ فترة طويلة. ومع ذلك، لم يستمر هذا الارتفاع لفترة طويلة، حيث دخل في دورة من التصحيح الهابط على المدى القصير.
يعكس هذا التصحيح الهابط طبيعة السوق التي تتميز بالتقلبات المفاجئة، حيث يمكن أن يتأثر سعر الفضة بعوامل متعددة مثل التطورات الاقتصادية العالمية، والسياسات النقدية، والطلب والعرض على المعدن في الأسواق العالمية.
هذا التصحيح الهابط يظهر أهمية فهم طبيعة الأسواق المالية وضرورة الحذر والتنبه إلى التغيرات السريعة التي يمكن أن تؤثر على أداء الأصول المالية مثل الفضة. خلال تعاملات هذا الأسبوع، والتي ستنتهي رسميًا عند تسوية الأسعار اليوم، فإن أسعار الفضة قد ارتفعت بنسبة تزيد عن 8.0% حتى الآن. يتوقع أن تحقق الفضة أول مكسب أسبوعي لها خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، وذلك بأكبر مكسب أسبوعي منذ أوائل أبريل الماضي.
هذا الارتفاع يعكس تحولًا إيجابيًا في توجه السوق نحو المعادن النفيس كملاذ آمن للمستثمرين، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية الحالية والمخاوف المتعلقة بالتضخم والسياسات النقدية. قد يكون الطلب الاستثماري على الفضة قويًا هذا الأسبوع نتيجة للقلق من التدهور الاقتصادي وتأثيراته على الأسواق المالية العالمية. من المهم مراقبة تطورات الأسواق عن كثب خلال الأيام القادمة، حيث يمكن أن تؤدي أحداث جديدة أو بيانات اقتصادية مفاجئة إلى تغييرات في اتجاهات الأسعار.
وفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لبورصة شيكاغو التجارية، يسعر المستثمرون حاليًا تخفيضات بنحو 50 نقطة أساسية في سعر الفائدة الفيدرالية هذا العام، ويتوقعون حدوثهما في سبتمبر ونوفمبر.
لإعادة تسعير العقود المتعلقة بالفائدة، يترقب المستثمرون سلسلة من التعليقات من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث تعد هذه التصريحات مهمة لتوجيه توقعات السوق بشأن سياسة الفائدة النقدية المستقبلية واتجاهات الاقتصاد الأمريكي.
عائدات السندات الامريكيه
انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات يوم الجمعة بنسبة 0.3 نقطة مئوية، وهو انخفاض استمر للجلسة الثانية على التوالي، ويقترب من ملامسة أدنى مستوى له في أربعة أسابيع عند 4.420%. هذا التطور يعزز ارتفاع الأصول غير المدرة للعائد، بما في ذلك المعادن النفيس مثل الفضة.
يأتي هذا التحرك في سوق سندات الولايات المتحدة نتيجة لبيانات إعانة البطالة التي أظهرت مزيدًا من العلامات على تباطؤ سوق العمل الأمريكي، مما يزيد من احتمالات خفض أسعار الفائدة الفيدرالية هذا العام. هذا التطور يلقي بظلال من التشاؤم على الاقتصاد الأمريكي ويدعم طلب المستثمرين على الأصول الآمنة والملاذات الآمنة مثل الفضة.
من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في الأسواق المالية بما يعكس التوترات الاقتصادية والمخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثيراته على الأسواق العالمية. وبناءً على البيانات البطالة الأخيرة، ارتفعت تسعيرات العقود الآجلة لاحتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بنحو 25 نقطة أساسية في يونيو المقبل من 8% إلى 9%، وزادت احتمالات الخفض بنحو 25 نقطة أساسية في يوليو من 32% إلى 34%، وارتفعت احتمالات الخفض في سبتمبر من 66% إلى 70%.
أظهرت بيانات الميزان التجاري الصادرة هذا الأسبوع فى بكين ،ارتفاع تجاوز توقعات السوق فى الصادرات والواردات خلال أبريل الماضي ،فى أحدث البيانات الدالة على تحسن تعافي الاقتصاد الصيني ،الأمر الذي يصب فى صالح تحسن توقعات تحسن الطلب الفعلي فى أكبر مستهلك للسلع والمعادن. وتوقعات حول أداء الفضة تتجه نحو المزيد من المكاسب، وذلك في ضوء التوقعات بتخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية في أقرب وقت ممكن. يعتقد أن ظهور المزيد من الأدلة حول هذه التخفيضات سيدفع إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الفضة.
تحليل سعر الفضة
وقد أشار مدير تداول المعادن في هاي ريدج فيوتشرز، ديفيد ميجر، إلى أن أحدث البيانات تظهر ضعفًا طفيفًا في سوق الوظائف، مما يدعم التوقعات بأن تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تحدث في وقت أقرب مما كان متوقعًا سابقًا. وهذا السيناريو من المتوقع أن يدعم أسعار الذهب والفضة، حيث يعتبران ملاذات آمنة تجاه التقلبات الاقتصادية والسياسية.
تحليل سعر الفضة يشير إلى استمرار الاتجاه الصاعد، حيث نجح السعر في تحقيق الهدف المنتظر عند مستوى 28.00 دولار واخترقه لأعلى، مما يؤكد استمرارية الاتجاه الصاعد. يفتح هذا الاختراق الباب أمام المزيد من المكاسب على المدى اللحظي والقصير.
من المتوقع أن تبدأ الأهداف التالية عند مستوى 28.90 دولار وتمتد إلى 29.80 دولار. وبناءً على ذلك، يتوقع السيناريو المتوقع استمرار الاتجاه الصاعد في الفترة القادمة، مع الانتباه إلى أن كسر مستوى 28.00 دولار قد يوقف الاندفاع الصاعد ويضع السعر تحت الضغط التصحيحي الهابط من جديد.
من ناحية أخرى، يتوقع نطاق التداول المتوقع أن يكون بين مستوى الدعم عند 28.00 دولار ومستوى المقاومة عند 28.80 دولار. يعكس هذا التحليل توقعات مستمرة بالارتفاع، مع الاحتفاظ بمستوى الدعم عند 28.00 دولار كمستوى مهم يجب مراقبته.