ارتفاع أسعار النفط وسط تقلبات الإمدادات وتوقعات الطلب الصيني

أسعار النفط

ارتفعت أسعار النفط الخام بشكل ملحوظ بسبب المخاوف المتعلقة بالإمدادات. حيث سجلت الأسعار حاليًا حوالي 70.30 دولارًا بعد أن كانت قد هبطت إلى 68.20 دولارًا. تعكس هذه التقلبات أحدث بيانات مخزونات النفط الخام الأمريكية التي أثرت على توجهات السوق.

بيانات مخزون النفط الخام الأمريكي 

أفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتراجع مخزونات النفط الخام بمقدار 1.4 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر 2024، بعد انخفاض قدره 5.1 مليون برميل في الأسبوع الذي قبله. وبلغ إجمالي المخزونات 422 مليون برميل، وهو أقل بنسبة 6% من المتوسط لخمس سنوات. في المقابل، ارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 5.1 مليون برميل، وزادت مخزونات وقود المقطرات بنحو 3.2 مليون برميل. تشير هذه البيانات إلى تضييق في سوق النفط، مما يعزز التوقعات بارتفاع الأسعار.

توقعات أوبك المعدلة للطلب على أسعار النفط

خفضت أوبك تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2024 و2025 للشهر الخامس على التوالي. وفي تقريرها الصادر في 11 ديسمبر 2024، خفضت التوقعات لعام 2025 بمقدار 90 ألف برميل يوميًا إلى 1.45 مليون برميل يوميًا، ولعام 2024 بمقدار 210 آلاف برميل يوميًا إلى 1.61 مليون برميل يوميًا. ويرتبط هذا التعديل بتراجع الطلب في أسواق رئيسية مثل الشرق الأوسط والصين والهند. وقد أدى هذا الخبر إلى انخفاض طفيف في أسعار النفط. حيث تفاعل المتداولون مع المخاوف من تأثير تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على استهلاك النفط.

العقوبات الأوروبية الجديدة على روسيا 

في خطوة جديدة ضد روسيا، يخطط الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات إضافية تركز على “أسطولها الظلي” من ناقلات النفط التي تتجاوز العقوبات المفروضة. تم الاتفاق على هذه العقوبات في 11 ديسمبر 2024، وستشمل 52 ناقلة جديدة. مما سيرفع العدد الإجمالي للسفن المستهدفة إلى 79. تهدف هذه العقوبات إلى تقليل إيرادات روسيا من النفط، لا سيما من خلال السفن القديمة التي تساعد في التحايل على سقف السعر الذي فرضته مجموعة السبع والذي يحدد 60 دولارًا للبرميل على النفط الروسي.

هل سيشهد الطلب على النفط انتعاشًا من الصين؟

ارتفعت أسعار النفط هذا الأسبوع وسط توقعات بتعافي الطلب الصيني على النفط. السوق يترقب تدابير تحفيزية جديدة من الحكومة الصينية لتعزيز النشاط الاقتصادي. فقد انطلق مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في الصين يوم الأربعاء، حيث أشار المكتب السياسي إلى أن الحكومة ستتخذ خطوات لتخفيف السياسة النقدية وتنفيذ إجراءات تحفيزية تستهدف تعزيز النمو الاقتصادي.

في وقتٍ لاحق، شهدت واردات الصين من النفط الخام زيادة سنوية في نوفمبر لأول مرة منذ أبريل، مما أثار بعض التفاؤل. وقال ديفيد موريسون، كبير محللي السوق في “تريد نيشن”: “على الرغم من أن بيانات واحدة لا تشكل اتجاهاً ثابتاً، إلا أنها بداية واعدة.”

في ذات السياق، يحتاج خام غرب تكساس الوسيط إلى اختراق مستوى 70 دولارًا والاستقرار فوقه كخطوة أولى نحو انتعاش الأسعار. كما سجلت الصين أعلى مستوى من واردات النفط الخام في شهر منذ أغسطس 2023، ما يعزز الآمال في تحسن الطلب.

مع ذلك، أشار كارستن فريتش، محلل السلع الأساسية في “كوميرز بنك”، إلى أن هذه الزيادة قد لا تكون مؤشرًا على انتعاش الطلب المحلي، بل من المحتمل أن تكون المصافي قد استفادت من الأسعار المنخفضة في نوفمبر لبناء مخزونات. وأوضح فريتش أن الواردات قد تنخفض مجددًا العام المقبل بسبب ضعف الطلب المحلي، والذي يُعزى جزئيًا إلى الزيادة في عدد المركبات الكهربائية في الصين.

ورغم الزيادة في نوفمبر، لا تزال واردات النفط الخام للصين في الأشهر الـ11 الأولى من العام منخفضة بنسبة 1.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. مما يشير إلى احتمالية تسجيل انخفاض سنوي للعام الثالث في آخر أربع سنوات. وأضاف فريتش: “هذا يؤكد أن الصين لم تعد المحرك الرئيسي للطلب العالمي على النفط”.

ارتفاع أسعار النفط وسط التوترات الجيوسياسية وآمال الصين

تعززت معنويات السوق بفعل التوترات الجيوسياسية والآمال في تعافي الطلب من الصين، على الرغم من قيام منظمة “أوبك” بخفض توقعاتها لنمو الطلب. كما شهدت الأسعار ارتفاعاً بعد تقارير أشارت إلى إمكانية فرض الولايات المتحدة المزيد من العقوبات على صادرات النفط الروسية. في وقت كتابة هذا التقرير، بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط 70.47 دولارًا للبرميل بزيادة قدرها 0.2%. فيما سجل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال 73.78 دولارًا للبرميل، بارتفاع 0.4% مقارنة بالإغلاق السابق.

من جانبها، أشارت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، يوم الأربعاء إلى أن ضعف سوق النفط العالمية قد يمثل فرصة لفرض عقوبات إضافية على روسيا. ومن المتوقع أن يدعم العرض المحدود من النفط الخام الأسعار، حيث ظل السوق ضمن نطاق ضيق خلال معظم العام. ورغم تخفيضات الإنتاج الكبيرة من “أوبك” وحلفائها، كانت أسعار النفط تكافح للحفاظ على مكاسبها. حيث تذبذبت بين 70 و75 دولارًا للبرميل في الأشهر الأخيرة.

وفيما يتعلق بالصين، قال المكتب السياسي الصيني يوم الإثنين إنه سيتبنى سياسة نقدية متساهلة. ما قد يعزز الطلب من أكبر مستورد للنفط في العالم. كما استمرت أسعار النفط في الاحتفاظ بعلاوة مخاطر أعلى بسبب التوترات في الشرق الأوسط. خاصة بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد من قبل المتمردين. مما أثار قلقاً بشأن إمدادات النفط من المنطقة. ورغم أن سوريا ليست من كبار منتجي النفط، فإن موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها الوثيقة بإيران يضيفان تعقيدات للمشهد. ومع ذلك، فإن إمدادات النفط من الشرق الأوسط لم تتأثر بشكل كبير، حتى في ظل الصراع بين إسرائيل وحركة حماس. إذا استمرت التوترات في التهدئة، قد يبدأ تأثير علاوة المخاطر على أسعار النفط في التلاشي قريبًا.