ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس، لتسجل مستوى يقارب 2400 دولار للأوقية في السوق الفوري. جاء هذا الارتفاع مدعومًا بالتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وتفاؤل المتعاملين بشأن احتمالية خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. يترقب المستثمرون صدور بيانات اقتصادية جديدة للحصول على مؤشرات حول اتجاه سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي.
توقعات السوق والدعم الأساسي :أشار كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى أواندا، إلى أن العوامل الأساسية تدعم الذهب على المدى الطويل. تشمل هذه العوامل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والانخفاض المستمر في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما يجعل الذهب خيارًا جذابًا كملاذ آمن.
التحركات في الأسواق المالية :انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، مما زاد من جاذبية الذهب كأداة استثمارية غير مدرة للعائد. بالإضافة إلى ذلك، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا، مما ساهم في دعم أسعار الذهب. وتتوقع شركات السمسرة الكبرى مثل جيه. بي مورجان، سيتي جروب، وويلز فارجو أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر المقبل، بعد التقرير الضعيف عن التوظيف في الولايات المتحدة في يوليو. انخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الاحتفاظ بالذهب، وهو ما يدعم الأسعار الحالية.
الترقب لبيانات اقتصادية جديدة :يركز السوق حاليًا على بيانات طلبات إعانات البطالة الأمريكية الأولية التي ستصدر الساعة 15:30 بتوقيت الرياض، كما يترقب المستثمرون أيضًا تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توم باركين في وقت لاحق اليوم. قال بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع الأساسية لدى “تي دي سيكيوريتيز”، في مذكرة إن الأسواق في انتظار بيانات طلبات إعانة البطالة لاختبار فرضية تباطؤ سوق العمل، والتي قد تؤثر على قرارات السياسة النقدية المقبلة.
تراجع توقعات خفض أسعار الفائدة للفيدرالي وزيادة توقعات التيسير النقدي
أظهرت أداة “متابعة الفائدة الأمريكية المتاحة ” تراجعًا ملحوظًا في توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع سبتمبر. حيث انخفضت التوقعات من 88.1% قبل أسبوع إلى 26.5% حاليًا. بالمقابل، ارتفعت توقعات التيسير النقدي بمقدار 50 نقطة أساس بشكل كبير، حيث زادت من 11.8% إلى 73.5%. وفي سياق متصل، قال بيتر فونج، رئيس التعاملات في وينج فونج للمعادن الثمينة: “على المدى القريب، أعتقد أن السوق ستستقر حول مستوى 2350 دولارًا للأوقية، وقد تتحرك نحو 2500 دولار في وقت لاحق من هذا العام.”
الذهب عند التسوية أمس :استقرت أسعار العقود الآجلة للذهب خلال تعاملات الأربعاء، وسط ضغوط من ارتفاع الدولار وعوائد السندات الأمريكية، ورغم توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في سبتمبر.وعند التسوية، استقرت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر عند 2432.40 دولار للأوقية، دون تغيير تقريبًا عن جلسة أول أمس، بعدما لامست 2447.30 دولار.
وغيّر المتداولون توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة، في أعقاب تقرير الوظائف الضعيف، الأسبوع الماضي، مع توقع تخفيضات بنحو 105 نقاط أساس، بحلول نهاية العام. ومع ذلك فإن الأسواق تُسعِّر احتمالات بنسبة 65 في المائة، لقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، وفقاً لأداة «فيد ووتش»، مقارنة بنسبة 85 في المائة، قبل يوم واحد.
وقال استراتيجي السوق إن الذهب سيحظى بدعم «التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، ومخاوف الركود العالمي المستمرة، حيث تنتظر الأسواق مزيداً من البيانات الاقتصادية لتوضيح الظروف الأميركية. وفي مكان آخر، نَمَت صادرات الصين بأبطأ وتيرة لها في ثلاثة أشهر، خلال يوليو الماضي، وهو ما جاء دون التوقعات وأضاف إلى المخاوف بشأن آفاق قطاع التصنيع الضخم.
تباطؤ مشتريات البنوك المركزية من الذهب في الربع الثاني من 2024 مع استمرار النشاط الإيجابي
بعد بداية قوية في عام 2024، شهدت مشتريات البنوك المركزية من الذهب تباطؤًا ملحوظًا خلال الربع الثاني، حيث انخفضت بنسبة 39% على أساس ربع سنوي لتصل إلى 183 طناً. رغم هذا التراجع، يبقى المستوى أعلى بنسبة 3% من متوسط المشتريات الفصلية على مدار خمس سنوات، والذي يبلغ 179 طناً، وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي.
أبرز مشتري الذهب في الربع الثاني : برز البنك الوطني البولندي كأكبر مشتر للذهب خلال الربع الثاني، حيث اشترى 19 طناً، وهي أول عملية شراء له منذ الربع الرابع من عام 2023. وقد ارتفعت إجمالي حيازاته من الذهب إلى 377 طناً، مما يشكل 13% من إجمالي احتياطياته. وفي الهند، استمر البنك الاحتياطي الهندي في تعزيز احتياطياته من الذهب، مضيفًا 19 طناً جديدة في الربع الثاني من عام 2024. وقد سجل البنك عمليات شراء على مدار جميع أشهر العام الحالي، ليصل إجمالي صافي مشترياته منذ بداية العام إلى 37 طناً، وهو أكثر من صافي مشترياته السنوية في عامي 2022 و2023، والتي بلغت 33 طناً. وفي أبريل الماضي، صرح حاكم الاحتياطي الهندي شاكتيكانتا داس بأن “نحن نبني احتياطيات الذهب”، حيث بلغت احتياطيات الهند الآن 841 طناً، تشكل 10% من الإجمالي.
النشاط في تركيا :أما في تركيا، فقد أضاف البنك المركزي 15 طناً إلى احتياطيات الذهب الرسمية في الربع الثاني من العام الحالي، ليصل إجمالي صافي مشترياته منذ بداية العام إلى 45 طناً، وهو الأكبر بين البنوك المركزية. يأتي هذا التغيير بعد فترة من عمليات البيع المكثفة التي شهدها النصف الأول من العام الماضي، والتي بلغت 102 طن لتخفيف ضغوط السوق المحلية. حاليًا، تصل إجمالي احتياطيات الذهب الرسمية في تركيا إلى 585 طناً، مما يمثل 34% من إجمالي الاحتياطيات.
تباطؤ شراء الذهب من قبل بنك الشعب الصيني وارتفاع احتياطيات الذهب لدى بعض البنوك المركزية
أعلن بنك الشعب الصيني عن تباطؤ ملحوظ في مشتريات الذهب خلال الربع الثاني من عام 2024، حيث سجل صافي شراء قدره 2 طن في أبريل، ولم يتم تسجيل أي تغييرات في احتياطاته من الذهب خلال مايو ويونيو. وسبق لبنك الشعب الصيني أن أعلن عن شراء 316 طناً من الذهب بين نوفمبر 2022 وأبريل 2024، مما رفع إجمالي احتياطياته إلى 2264 طناً. ومع ارتفاع أسعار الذهب هذا العام، أصبح الذهب يمثل الآن 5% من إجمالي احتياطيات البنك، وهي أعلى نسبة منذ عام 1996. ورغم بعض المبيعات الصافية التي تمت خلال الربع، إلا أنها كانت محدودة مقارنة بمستوى الشراء السابق.
تحركات أخرى في الأسواق :وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي، كانت سلطة النقد في سنغافورة البنك المركزي الوحيد في الأسواق المتقدمة الذي أعلن عن زيادة في احتياطيات الذهب خلال الربع الثاني، حيث أضافت 4 أطنان. في المقابل، شهد بنكان مركزيان فقط انخفاضًا في احتياطياتهما من الذهب، وهما البنك المركزي الفلبيني والبنك الوطني الكازاخستاني، حيث تراجعت احتياطيات كل منهما بمقدار 12 طناً.
الطلب غير المبلغ عنه وأهمية التخزين المحلي :أشار تقرير مجلس الذهب العالمي إلى أن الطلب غير المبلغ عنه كان كبيراً خلال الربع الثاني، حيث شكل نحو 67% من إجمالي الطلب وفقًا لتقديرات المجلس الرسمية. كما أفاد التقرير بأن بنك الاحتياطي الهندي والبنك المركزي النيجيري قاما بإعادة الذهب من المملكة المتحدة والولايات المتحدة على التوالي، وهو ما يعكس تحولاً في موقع تخزين الذهب وليس ملكيته، مما يبرز أهمية التخزين المحلي للذهب بالنسبة لبعض البنوك المركزية.
ويواصل مجلس الذهب العالمي التمسك بتوقعاته بزيادة مشتريات البنوك المركزية طوال عام 2024، مشيرًا إلى أن السوق في طريقه لتحقيق إجمالي سنوي كبير آخر.