بنك استثماري عالمي يعدل توقعاته لأسعار الذهب في 2025 بشكل مفاجئ

الذهب في 2025

أعلن بنك “غولدمان ساكس” الاستثماري العالمي عن تعديل مفاجئ لتوقعاته لأسعار الذهب في عام 2025. فبعد أن كان البنك يتوقع سابقًا أن يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بنهاية عام 2025، قرر تعديل هذا التوقع وأرجأ تقديره إلى منتصف عام 2026. وجاء هذا التعديل المفاجئ نتيجة لتوقعات جديدة بشأن السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي ستؤثر بشكل كبير على حركة أسعار الذهب في المستقبل القريب.

التباطؤ في التيسير النقدي وتأثيره على سوق الذهب

من المتوقع أن يؤدي تباطؤ وتيرة التيسير النقدي خلال العام 2025 إلى تقليص الطلب على الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب. هذا التغير دفع المحللين، مثل لينا توماس ودان سترويفن من بنك “غولدمان ساكس”، إلى تعديل تقديراتهم. حيث باتوا يتوقعون أن يصل سعر الذهب إلى 2910 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025، بدلاً من 3000 دولار كما كان متوقعًا سابقًا.

وقد شهدت التدفقات إلى الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب انخفاضًا ملحوظًا في ديسمبر 2024. تراجع هذه التدفقات كان نتيجة لتقليص حالة عدم اليقين بعد الانتخابات الأمريكية، مما أدى إلى انطلاق أسعار الذهب من مستويات أدنى مما كان متوقعًا مع بداية العام.

العوامل المؤثرة على سعر الذهب

أشار المحللون إلى أن هناك عوامل متضاربة تؤثر على سعر الذهب في الوقت الحالي. من جهة، يلاحظون انخفاض الطلب على الذهب لأغراض المضاربة، وهو ما يحد من الأسعار بشكل مؤقت. من جهة أخرى، هناك زيادة ملحوظة في شراء الذهب من قبل البنوك المركزية حول العالم، وهو ما يعزز الطلب على المعدن الأصفر. هذه العوامل المتضاربة ساهمت في توازن تأثيراتها على حركة الأسعار.

من أبرز العوامل المؤثرة في سعر الذهب هي السياسة النقدية المتبعة من قبل البنوك المركزية، خاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. فكلما ارتفعت أسعار الفائدة، انخفضت جاذبية الذهب كاستثمار. حيث يصبح الاستثمار في السندات الحكومية أو الأدوات المالية الأخرى التي تقدم عوائد أعلى أكثر جذبًا.

إقبال البنوك المركزية على شراء الذهب

تظل عمليات شراء البنوك المركزية للذهب العامل المحوري الذي سيتحكم في حركة الأسعار على المدى الطويل. المحللون يتوقعون أن يصل متوسط المشتريات الشهرية من الذهب إلى حوالي 38 طنًا حتى منتصف عام 2026. هذا العامل يعد أحد العوامل الرئيسية التي ستدفع الأسعار إلى الارتفاع على المدى البعيد.

في العام الماضي، شهد الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 27%، وهو ما يعكس نجاحه في التغلب على التحديات الاقتصادية. وساهم التيسير النقدي الذي تبناه الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة في دعم هذا الارتفاع. إلى جانب زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين. كما أن شراء الذهب من قبل البنوك المركزية حول العالم كان أحد العوامل التي أدت إلى دفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها.

التأثيرات السياسية على سوق الذهب

في أوائل نوفمبر 2024، توقفت موجة الارتفاع التي شهدها الذهب بسبب فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأمريكية. هذا الحدث ساعد على تعزيز قيمة الدولار الأمريكي، مما أثر سلبًا على سعر الذهب. وتسبب ذلك في تراجع كبير لأسعار المعدن الأصفر في الفترة التي تلت الانتخابات.

في الآونة الأخيرة، واجه الذهب ضغوطًا أخرى نتيجة لإشارات من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تشير إلى ضرورة تبني نهج أكثر حذرًا في خفض أسعار الفائدة هذا العام. هذه الإشارات تأتي في وقت تشهد فيه الأسواق مخاوف متجددة بشأن التضخم وتوقعات اقتصادية غير مؤكدة. نتيجة لذلك، فإن الذهب يواجه تحديات بسبب السياسة النقدية التي تتبناها الولايات المتحدة.

التوقعات المستقبلية للسياسة النقدية

بناءً على التوقعات الجديدة، يتوقع خبراء الاقتصاد في “غولدمان ساكس” الآن خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بمقدار 75 نقطة أساس في العام 2025. يعد هذا التقدير بمثابة انخفاض عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى خفض قدره 100 نقطة أساس. وتشير هذه التوقعات إلى أن السياسة النقدية ستكون أقل تشديدًا من المتوقع، ما سيؤدي إلى تباطؤ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة.

تأثير انخفاض الفائدة على أسواق الذهب

من المعروف أن انخفاض أسعار الفائدة يدعم عادة أسعار الذهب، حيث يجعل من المعدن الأصفر أكثر جاذبية كملاذ آمن للمستثمرين. ولكن في ضوء التوقعات الجديدة التي تقلص من عدد الخفض المتوقع في الفائدة. فإن ذلك قد يؤدي إلى تقليص الطلب على الذهب بشكل مؤقت. هذا التعديل في سياسة الفائدة يضع ضغطًا على توقعات الأسعار المستقبلية.

في المقابل، يعتبر ارتفاع الفائدة عاملًا سالبًا على سعر الذهب، حيث يؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات الحكومية ويجعل من الذهب غير جذابًا بالمقارنة. ومع ذلك، فإن الانخفاض المتواضع في أسعار الفائدة الذي يتوقعه “غولدمان ساكس” في 2025 قد يساهم في دعم الذهب بشكل محدود.

العوامل الجيوسياسية وتأثيرها على الذهب

إلى جانب السياسات النقدية، تلعب العوامل الجيوسياسية دورًا مهمًا في تحديد اتجاه أسعار الذهب. فمع تصاعد التوترات في بعض المناطق حول العالم، يظل الذهب الملاذ الآمن الذي يلتجئ إليه المستثمرون. في عام 2024، كانت المخاوف الجيوسياسية قد ساهمت في دفع أسعار الذهب إلى مستويات مرتفعة، لكن مع تهدئة بعض هذه المخاوف. قد يشهد المعدن الأصفر بعض الضغوط في المستقبل القريب.

المستقبل القريب للذهب في 2025

تشير جميع المؤشرات إلى أن أسعار الذهب في عام 2025 قد تشهد بعض التقلبات. لكنها ستظل تحت تأثير عوامل اقتصادية وجيوسياسية متعددة. بفضل سياسة التيسير النقدي المستمرة من بعض البنوك المركزية، سيظل هناك طلب على الذهب كأداة تحوط ضد التضخم. لكن في ظل التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيخفف من سياسة خفض الفائدة، قد يشهد الذهب بعض التراجعات الطفيفة في الأسعار.

لقد تم تعديل توقعات “غولدمان ساكس” لأسعار الذهب بشكل مفاجئ لعام 2025، بعد أن كانت تشير إلى زيادة كبيرة، إلى توقعات أكثر تحفظًا. يتوقع البنك أن تصل أسعار الذهب إلى حوالي 2910 دولار للأونصة بحلول نهاية العام المقبل. ومع تراجع التيسير النقدي وارتفاع الدولار الأمريكي، يتوقع المحللون أن يواجه الذهب بعض التحديات في ظل هذه التغييرات الاقتصادية. إلا أن الطلب المستمر من البنوك المركزية قد يدعم المعدن الأصفر في المدى الطويل.