كشفت وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية في سويسرا، في تقريرها الصادر يوم الجمعة، أن معدل البطالة المعدل موسمياً في البلاد استقر عند 2.6% في ديسمبر 2024. هذا الرقم لم يشهد أي تغيير للشهر الثالث على التوالي، مما يعكس استقراراً نسبياً في سوق العمل السويسري. إلا أن الوضع يظهر تباينًا عند النظر إلى بعض المؤشرات الأخرى المرتبطة بالبطالة.
تزايد أعداد العاطلين عن العمل
على الرغم من استقرار معدل البطالة، فقد شهد عدد العاطلين عن العمل ارتفاعًا ملحوظًا خلال الشهر الماضي. فقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل بنسبة 7.6% مقارنة بالشهر السابق، أي بزيادة تقدر بنحو 9179 شخصاً. هذا الارتفاع يعكس تحديات جديدة يواجهها الاقتصاد السويسري في الحفاظ على استقرار سوق العمل. في حين أن البطالة لم تتغير بشكل كبير في المعدل العام، إلا أن الأرقام تشير إلى زيادات ملحوظة على المستوى الشهري.
وعند النظر إلى الوضع على المدى الطويل، يظهر أن العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل قد ارتفع بنسبة 21.9% على أساس سنوي. مما يعني زيادة قدرها 23434 شخصاً مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. يشير هذا الارتفاع إلى أن البطالة أصبحت أكثر تحدياً مع مرور الوقت. مما قد يستدعي اتخاذ تدابير جديدة من قبل الحكومة السويسرية لتقليل هذا التوجه السلبي.
انخفاض الوظائف الشاغرة
من ناحية أخرى، لم يقتصر الوضع على زيادة أعداد الباحثين عن العمل فقط، بل شهدت الوظائف الشاغرة في سويسرا تراجعاً ملحوظاً. فقد انخفض عدد الوظائف الشاغرة بنسبة 7.6%، أي بنحو 2486 وظيفة، ليصل الإجمالي إلى 30422 وظيفة شاغرة. هذا الانخفاض يعكس تحديات كبيرة في سوق العمل، حيث قد تشير هذه البيانات إلى قلة الفرص المتاحة للباحثين عن عمل. ويمكن أن يكون هذا التراجع في عدد الوظائف الشاغرة ناتجاً عن عدة عوامل، من بينها تراجع الاستثمارات أو تغييرات في استراتيجيات التوظيف من قبل الشركات السويسرية
تأثير البطالة على الفئات الشابة
من الجدير بالذكر أن فئة الشباب كانت الأكثر تأثراً من هذه الزيادة في البطالة. فبينما ارتفع إجمالي عدد العاطلين عن العمل، فقد شهدت فئة الشباب، والتي تشمل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، زيادة ملحوظة في أعداد العاطلين. فقد ارتفع عدد هؤلاء العاطلين بنحو 196 شخصاً، أو ما يعادل زيادة بنسبة 2.9% على المستوى الشهري، ليصل الإجمالي إلى 12163 شخصاً.
وعند المقارنة بالعام الماضي، نجد أن البطالة بين الشباب شهدت زيادة أكبر بكثير. فقد ارتفع العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل في هذه الفئة بنسبة 22.8%، أي بزيادة قدرها 2261 شخصاً. هذا الارتفاع اللافت في البطالة بين الشباب يعكس تحديات كبيرة، ويثير تساؤلات حول كيفية تحسين الفرص الوظيفية لهذه الفئة، خاصة في ظل التغيرات التي يشهدها سوق العمل السويسري.
الباحثون عن عمل في سويسرا
إلى جانب ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، فقد ارتفع أيضاً عدد الباحثين عن وظائف في سويسرا. فقد سجل إجمالي عدد الباحثين عن العمل زيادة بنسبة 5.1% مقارنة بالشهر السابق، ليصل الإجمالي إلى 209024 شخصاً. ويعكس هذا الرقم تحسناً في الوعي الوظيفي. حيث بدأ المزيد من الأشخاص البحث عن فرص عمل، حتى في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة. يمكن أن يكون هذا الرقم مؤشراً على استجابة الأفراد لتحديات سوق العمل، ومحاولة تحسين أوضاعهم المهنية من خلال البحث عن فرص جديدة.
.النظرة المستقبلية لسوق العمل السويسري
إن استمرار استقرار معدل البطالة في سويسرا عند 2.6% في ديسمبر قد يكون محط أنظار العديد من الاقتصاديين والمحللين. ولكن، من المهم أن نلاحظ أن هذا الرقم لا يعكس الصورة الكاملة لسوق العمل في البلاد. فالأرقام التي تم الكشف عنها تشير إلى وجود تحديات كبيرة. خاصة في ظل زيادة أعداد العاطلين عن العمل والباحثين عن وظائف، فضلاً عن تراجع الوظائف الشاغرة. قد تكون هذه المؤشرات دليلًا على تغييرات هيكلية قد تشهدها سوق العمل السويسري في المستقبل القريب.
التدابير الممكنة للتعامل مع البطالة
إضافة إلى ذلك، فإن البطالة بين الشباب تظل من القضايا الأكثر إثارة للقلق. فارتفاع معدلات البطالة في هذه الفئة العمرية يمكن أن يؤثر سلباً على استقرار المجتمع السويسري. من الممكن أن يستدعي ذلك اتخاذ سياسات مبتكرة تهدف إلى تحسين فرص التدريب والتعليم وزيادة برامج التوظيف الموجهة لهذه الفئة، ما يسهم في الحد من هذه الظاهرة وتحسين المستقبل المهني للشباب.
نظرًا للتحديات التي يشهدها سوق العمل في سويسرا، يمكن للحكومة السويسرية أن تتخذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار البطالة. من بين هذه التدابير يمكن تحسين برامج التدريب المهني والتعليم المستمر، خاصة في القطاعات التي تشهد طلباً عالياً على المهارات. كما يمكن تعزيز التعاون بين الحكومة والشركات الخاصة لخلق فرص عمل جديدة، فضلاً عن تطوير مبادرات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تعد محركاً رئيسياً للاقتصاد السويسري.
علاوة على ذلك، انه قد ينبغي تحسين سياسة التوظيف للشباب. من خلال تيسير وصولهم إلى سوق العمل وتوفير برامج تدريبية مهنية متخصصة. يمكن أن تلعب المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التعليمية دوراً مهماً في هذا السياق. من خلال التعاون مع الحكومة لتوفير التدريب المهني الذي يتماشى مع احتياجات السوق.
في الختام، على الرغم من استقرار معدل البطالة في سويسرا عند 2.6% في ديسمبر. إلا أن الأرقام المتعلقة بالعاطلين عن العمل، والباحثين عن وظائف، وكذلك الوظائف الشاغرة تشير إلى وجود تحديات كبيرة في سوق العمل السويسري. يجب أن تولي الحكومة والمجتمع السويسري اهتماماً خاصاً لمعالجة هذه التحديات، خاصة فيما يتعلق بالبطالة بين الشباب. وتوفير فرص تدريب وفرص عمل أفضل. ومن خلال اعتماد سياسات فعالة ومنهجيات مبتكرة، يمكن لسويسرا أن تواصل نموها الاقتصادي مع تعزيز استقرار سوق العمل.